مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب سمر النبي أعين المحاربين

          ░18▒ باب سمر النبي صلعم أعين المحاربين المرتدين
          ثم ساق حديث أنس.
          وقام الإجماع على أن من وجب عليه الحد سواء كا[ن] يبلغ النفس أم لا أنه لا يمنع شرب الماء لئلا يجتمع عليه عذابان، وقد أمرنا بإحسان القتلة وأن نذبح الذبيحة بحد الشفرة والإجهاز عليها.
          ومعنى ترك سقي العرنيين هو كمعنى ترك حسمهم، ويحتمل كما قال المهلب أن يكون تركه عقوبة لهم لما جازوا سقي رسول الله لهم اللبن حتى انتعشوا بالارتداد والحرابة والقتل، فأراد أن يعاقبه على كفر السقي بالإعطاش فكانت العقوبة مطابقة للذنب.
          وفيه وجه آخر قريب من هذا، روى ابن وهب عن معاوية بن صالح ويحيى بن أيوب، عن يحيى بن سعيد عن ابن المسيب وذكر هذا الحديث: فعمدوا إلى الراعي غلام لرسول الله فقتلوه واستاقوا اللقاح، فزعم أنه ◙ قال: ((عطش الله من عطش آل محمد الليلة)).
          فكان ترك سقيهم إجابة لدعوته.
          فإن قلت: قال أنس في هذا الحديث: فذهبوا بإبل رسول الله، وفي أول كتاب المحاربين: بإبل الصدقة. فما وجه ذلك؟ قلت: وجهه أنه كانت له إبل من نصيبه من المغنم، فكان يشرب لبنها، وكانت ترعى مع إبل الصدقة، فأخبر مرة عن إبله ومرة عن إبل الصدقة، فونها كانت لا تخفى لكثرتها من أجل رعيها معها ومشاركتها لها في المسرح والمرتع.
          ويحتمل وجهاً ثانياً: أنها إبل الصدقة، وأضيفت؛ لأنه يصرفها والغنم شأنها فنسبت إليه لذلك.
          قوله: (فما ترجل النهار) أي: ارتفع.
          قوله: (فأمر بمسامير فأحميت) هو صحيح؛ لأن أحميت الحديد رباعي، وسَمر وسمل واحد.
          قوله: (حتى إذا برئوا) هو بفتح الراء، كذا هو في الأصول مضبوطاً، وقال ابن التين: من قرأه بالكسر على وزن علموا.
          قال الجوهري: برئت من الذنوب والعيوب براءة، وبرئت من المرض بُرءاً بالضم، وأهل الحجاز يقولون: برأت من المرض برءاً.
          قال ابن فارس: برأت من المرض وبرئت أيضاً.