نجاح القاري لصحيح البخاري

باب الرقى بفاتحة الكتاب

          ░33▒ (بابٌ الرُّقَى بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ) أراد به: جواز ذلك. فإن قيل: روى شعبة عن الركين قال: سمعت القاسم بن حسان يحدِّث عن عبد الرَّحمن بن حرملة عن ابن مسعود ☺: أنَّه صلعم كان يكرهُ الرُّقى إلَّا بالمعوَّذات؟
          فالجواب: أنَّه قال الطَّبري: هذا حديثٌ لا يجوز الاحتجاج بمثله، إذ فيه من لا يُعرف، ثمَّ إنَّه لو صحَّ لكان إمَّا غلطًا، أو منسوخًا بقوله صلعم : ((ما أدراك أنَّها رقيةٌ)) [خ¦5736]، فافهم.
          (وَيُذْكَرُ) على البناء للمفعول (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) ☻ (عَنِ النَّبِيِّ صلعم ) هكذا ذكره بصيغة التَّمريض، ولا يذكر بصيغة التَّمريض إلَّا إذا كان الحديث على غير شرطه، مع أنَّه ذكر حديث ابن عبَّاس ☻ في الرُّقية بفاتحة الكتاب عقب هذا الباب في باب «الشَّرط في الرُّقية» [خ¦5737]، وهذا يعكِّر عليه، وقال صاحب «التلويح»: هذا يردُّ قول ابن الصَّلاح وغيره: أنَّ البُخاري إذا علق بصيغة التَّمريض يكون غير صحيحٍ عنده.
          وتعقَّبه العينيُّ: بأنَّ ابن الصَّلاح وغيره من أهل الحديث على أنَّ الَّذي يُورده البُخاري بصيغة التَّمريض، لا يكون على شرطه، وحديث ابن عبَّاس ☻ على شرطه، والإيراد عليه باق.
          وقال بعض المشايخ: إنَّ البُخاري ☼ قد يصنع ذلك إذا ذكر الخبر بالمعنى، ولا شكَّ أن الذي ذكره عن ابن عبَّاس ☻ ليس فيه التَّصريح عن النَّبي صلعم بالرقية بفاتحة الكتاب، وإنَّما فيه تقريره على ذلك، فنسبة ذلك إليه صريحًا يكون نسبة معنويةً، وقد علَّق البُخاري بعض هذا الحديث بلفظه، فأتى به مجزومًا، كما تقدَّم في «الإجارة»، في باب «ما يعطي في الرقية بفاتحة الكتاب». وقال ابن عبَّاس ☻ : ((إن أحقَّ ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله)) [خ¦37/16-3550]. ثمَّ قيل: لعلَّ لابن عبَّاس ☻ حديثًا آخر صريحًا في الرقية بفاتحة الكتاب ليس على شرطه، فلذلك أتى به بصيغة التَّمريض. قال الحافظُ العسقلاني: ولم يقع لي ذلك مع التَّتبُّع، والله تعالى أعلم. /