نجاح القاري لصحيح البخاري

باب السعوط بالقسط الهندي البحري

          ░10▒ (بابُ السُّعُوطِ) بضم السين في الفرع، وبفتحها في أصله (بِالْقُسْطِ) بضم القاف (الْهِنْدِيِّ الْبَحْرِيِّ) قال أبو بكر ابنُ العربي: القسطُ نوعان: هنديٌّ وهو أسود، وبحري وهو أبيضُ، والهنديُّ أشدُّهما حرارةً. قال الجوهريُّ: القُسْط: عقاقير البحر، وقيل: منه الَّذي يُجلبُ من اليمن، ومنه ما يُجلبُ من المغرب، وزاد بعضهم ثالثًا يُسمَّى: بالقُسْط المرِّ، وهو كثيرٌ ببلاد الشَّام خصوصًا بالسَّواحل، وقال ابن السِّكيت: هو جزرُ البحر، وفي «الجامع» لابن البيطار: أجودُه ما كان من بلاد المغرب، وكان أبيض خفيفًا، وهو البحريُّ، وبعده الَّذي / من بلاد الهند، وهو غليظٌ أسودُ خفيف مثل القثَّاء، وبعده الَّذي من بلاد سوريا، وهو ثقيلٌ، ولونه لون البقس، ورائحتُه ساطعةٌ، وأجودُها ما كان حديثًا أبيض ممتلئًا غير متآكل ولا زهم يَلْدغ اللِّسان، وقوَّته مسخنة مدرَّة للبول، وينفعُ من أوجاع الأرحام إذا استعمل، وذكر منافع كثيرة، وفي «نزهة الأفكار»: وأجودها البحريُّ، وخيارُه الأبيضُ الخفيف الطَّيِّب الرَّائحة، وكلُّه دواءٌ مباركٌ نافع.
          (وَهُوَ الْكُسْتُ) أي: القُسْط _بالقاف_، هو الكُست _بضم الكاف_؛ يعني: أنَّه يُقال: بالقاف وبالكاف بالمساواة، وذلك لقرب القاف من الكاف في المخرجِ، وعلى هذا يجوز أيضًا مع القاف بالمثناة، ومع الكاف بالطاء (مِثْلُ الْكَافُورِ وَالْقَافُورِ) يعني: كما يقال: الكَافور، بالكاف، ويقال: بالقاف، وقد مرَّ هذا في باب «القسطِ للحادة» [خ¦68/48-7931] (ومِثْلُ {كُشِطَتْ} وَقُشِطَتْ) يعني: كما يُقال أيضًا فيهما: بالكاف والقاف. وزاد النَّسفي في روايته: <نزعت>، وأراد به: أنَّ معنى {كُشِطَتْ}: نزعت: يُقال: كشطت البعير كشطًا: نزعت جلدَه، ولا يُقال: سلخت، وقال الجوهري: كَشَطْت الجلد عن ظهر الفرس، أو الغطاء عن الشَّيء: إذا كشفته، والقشط لغة فيه، وفي قراءة عبد الله: ▬وَإِذَا السَّمَاءُ قشطت↨ {كُشِطَتْ}[التكوير:11].
          وهو معنى قوله: (وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ) أي: ابن مسعود ☺ {وَإِذَا السَّمَاءُ} (▬قُشِطَتْ↨) ولم تشتهر هذه القراءة. قال القرطبي: وهذا من التَّعاقب بين الحرفين كقولهم: قخ _بالقاف_، وكخ _بالكاف_، وثبتَ في الفرع لأبي ذرٍّ بعد قوله: <نَزَعَتْ وسقطت أيضًا>.
          وقال الحافظُ العسقلاني: وقد وجدت سلف البُخاري في هذا، فقرأت في كتاب «معاني القرآن» للفرَّاء في قوله تعالى: {وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ} قال: يعني: نزعت، وفي قراءة عبد الله: ((قُشِطَتْ)) بالقاف، والمعنى واحد. والعرب تقول: الكافور والقافور، والقسط والكسط، وإذا تقارب الحرفان في المخرج تعاقبا. انتهى.