نجاح القاري لصحيح البخاري

باب الحجم من الشقيقة والصداع

          ░15▒ (بابُ الحَجْمِ) وفي رواية أبي ذرٍّ: <الحجامة>، وفي نسخة:<في باب من احتجم> (مِنَ الشَّقِيقَةِ وَالصُّدَاعِ) أي: بسببهما، وقد سقطت التَّرجمة في رواية النَّسفي، وأورد ما فيها في الذي قبله، وهو متَّجه، والشَّقيقة: بشين معجمة وقافين على وزن عظيمة، وجعٌ في أحد شقَّي الرَّأس، أو في مقدَّمه، والصُّداع ألمٌ في أعضاء الرَّأس (1) ؛ فهو من عطف العام على الخاصِّ.
          وذكر أهل الطِّب: أنَّه من الأمراض المزمنة، وسببُه أبخرةٌ مرتفعة، أو أخلاطٌ حارَّةٌ، أو باردةٌ ترتفعُ إلى الدِّماغ، فإن لم تجد منفذًا أحدث الصُّداع، فإن مال إلى أحد شقَّي الرَّأس أحدث الشَّقيقة، وإن ملك قمة الرَّأس أحدث داء البيضة.
          وأسباب الصُّداع كثيرة جدًا: منها: ما تقدَّم. ومنها: ما يكون عن ورمٍ في المعدة، / أو في عروقها، أو ريحٌ غليظة فيها أو لامتلائها، ومنها: ما يكون من الحركة العنيفة كالجماعِ والقيءِ والاستفراغ، أو السَّهر وكثرة الكلام، ومنها: ما يحدثُ عن الأعراض النَّفسانية كالهمِّ والغمِّ والحزن والجوع والحمى، ومنها: ما يحدث عن حادث في الرَّأس كضربةٍ تصيبُه، أو ورمٍ في صفاق الدِّماغ، أو حمل شيءٍ ثقيل يضغط الرَّأس، أو تسخينه بلبس شيءٍ خارج عن الاعتدال، أو تبريده بملاقاة الهواء، أو الماء في البرد.
          وأمَّا الشَّقيقة بخصوصها فهي في شرايين الرَّأس وحدها، وتختصُّ بالموضع الأضعف من الرَّأس، وعلاجها بشدِّ العصابة. وقد أخرج أحمدُ من حديث بُريدة ☺: أنَّه صلعم كان ربما أخذته الشَّقيقة فيمكثُ اليوم واليومين لا يخرج، الحديث.
          وتقدَّم في «الوفاة النَّبوية» حديث ابن عبَّاس ☻ : خطبنا رسولُ الله صلعم وقد عصب رأسه [خ¦3628].


[1] في هامش الأصل: في نسخة: في أعصاب الرأس.