إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: احتج آدم وموسى فقال له موسى: أنت آدم الذي أخرجتك

          3409- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ) الأويسيُّ قال: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ) بسكون العين، ابن إبراهيم بن عبد الرَّحمن بن عوفٍ الزُّهريُّ القرشيُّ (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) محمَّد بن مسلمٍ (عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ) ☺ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : احْتَجَّ) أي: تحاجَّ (آدَمُ وَمُوسَى) بأشخاصهما، أو التقت أرواحهما / في السَّماء فوقع التَّحاجُّ(1) بينهما، ويحتمل وقوع ذلك في حياة موسى (فَقَالَ لَهُ مُوسَى: أَنْتَ آدَمُ الَّذِي أَخْرَجَتْكَ خَطِيئَتُكَ) وهي أَكْلُكَ من الشَّجرة الَّتي نُهيت عنها بقوله تعالى: {وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ}[البقرة:35] (مِنَ الجَنَّةِ. فَقَالَ لَهُ آدَمُ: أَنْتَ مُوسَى الَّذِي اصْطَفَاكَ اللهُ) اختارك الله(2) على النَّاس (بِرِسَالَاتِهِ(3)) يعني: بأسفار التَّوراة وفيها قصَّتي (وَبِكَلَامِهِ) وبتكليمه إيَّاك (ثُمَّ) بالمثلَّثة المضمومة والميم المشدَّدة، ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: ”بِمَ(4)“ بمُوحَّدةٍ مكسورةٍ فميمٍ مُخفَّفةٍ (تَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قُدِّرَ) بضمِّ القاف وتشديد الدَّال المكسورة (عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ) وحَكَم بأنَّ ذلك كائنٌ لا محالة لعلمه السَّابق، فهل يمكن أن يصدر عنِّي(5) خلاف علم الله؟ فكيف تغفل عن العلم السَّابق، وتذكر الكسب الَّذي هو السَّبب‼، وتنسى الأصل الَّذي هو القدر، وأنت من المصطَفين الأخيار الَّذين يشاهدون سرَّ الله من وراء الأستار؟ (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : فَحَجَّ) أي: غلب (آدَمُ) بالرَّفع (مُوسَى) بالحجَّة في دفع اللَّوم (مَرَّتَيْنِ) متعلِّقٌ بـ «قال»، والغرض من هذا الحديث: شهادة آدم لموسى أنَّ الله اصطفاه.
          وقد أخرجه أيضًا في «التَّوحيد» [خ¦7515]، ومسلمٌ في «القدر».


[1] في (م): «الحجاج».
[2] اسم الجلالة مثبتٌ من (م).
[3] في (د): «برسالته».
[4] «بِمَ»: ليس في (د).
[5] في غير (د) و(م): «منِّي».