إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: جاء رجل إلى النبي فقال: يا رسول الله إن أمي

          1953- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ) الحافظ المعروف بصاعقة قال: (حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو) بسكون الميم الأزديُّ، ويُعرَف بابن الكِرمانيِّ، من قدماء شيوخ البخاريِّ، حدَّث عنه بغير واسطةٍ في «كتاب الجمعة» [خ¦936] وحدَّث عنه هنا وفي «الجهاد» [خ¦2795] و«الصَّلاة» [خ¦719] بواسطةٍ قال: (حَدَّثَنَا زَائِدَةُ) بن قُدامة الثَّقفيُّ (عَنِ الأَعْمَشِ) سليمان بن مِهْران (عَنْ مُسْلِمٍ البَطِينِ) بفتح المُوحَّدة وكسر المهملة وسكون التَّحتيَّة ثمَّ نونٍ (عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ☻ قَالَ) ولابن عساكر: ”أنَّه قال“ : (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلعم ) لم يسمِّ الرَّجلَ (فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ، فَأَقْضِيهِ) ولابن عساكر: ”أفأقضيه“ (عَنْهَا؟ قَالَ) ╕ : (نَعَمْ) اقضِه(1) (قَالَ: فَدَيْنُ اللهِ) ولأبي ذرٍّ وابن عساكر: ”قال: نعم، فدين الله“ (أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى) أي: حقُّ العبدُ يُقضَى، فحقُّ الله أحقُّ.
          وهذا الحديث أخرجه مسلمٌ في «الصَّوم»، وأبو داود في «الأيمان» و«النُّذور»، والتِّرمذيُّ في «الصَّوم»، وكذا النَّسائيُّ وابن ماجه.
          (قَالَ سُلَيْمَانُ) بن مهران الأعمش بالإسناد السَّابق: (فَقَالَ) ولأبي الوقت: ”قال“ بغير فاءٍ (الحَكَمُ) بفتحتين ابن(2) عُتَيبة مُصغَّرًا (وَسَلَمَةُ) بن كُهَيلٍ مُصغَّرًا‼ الحضرميُّ الكوفيُّ (وَنَحْنُ) أي: الثَّلاثة (جَمِيعًا جُلُوسٌ) جملةٌ اسميَّةٌ وقعت حالًا (حِينَ حَدَّثَ مُسْلِمٌ) البطين (بِهَذَا الحَدِيثِ، قَالَا) أي: الحكمُ وسلمةُ: (سَمِعْنَا مُجَاهِدًا) هو ابن جبرٍ (يَذْكُرُ هَذَا) الحديث (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) ☻ ، وحاصل هذا: أنَّ الأعمش سمع هذا الحديث من ثلاثة أنفسٍ في مجلسٍ واحدٍ، من مسلمٍ البَطين أوَّلًا عن سعيد بن جبيرٍ، ثمَّ من الحكم وسلمة عن مجاهدٍ.
          (وَيُذْكَرُ) بضمِّ أوَّله مبنيًّا للمفعول (عَنْ أَبِي خَالِدٍ) الأحمر، ضدَّ الأبيض، واسمه سليمان ابن حيَّان بالمُثنَّاة التَّحتيَّة المشددة وآخره نونٌ، أنَّه قال: (حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنِ الحَكَمِ وَ) عن (مُسْلِمٍ البَطِينِ وَ) عن (سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٍ) هو ابن أبي رباح (وَمُجَاهِدٍ) الثَّلاثة؛ أعني: سعيد بن جبيرٍ وعطاءً ومجاهدًا (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) وفيه: أنَّ الأعمش روى عن الشُّيوخ الثَّلاثة، وكلٌّ من الثَّلاثة عن الثَّلاثة، ويحتمل _كما قال في «الفتح»_: أن يكون من باب اللَّفِّ والنَّشر غير المُرتَّب، فيكون شيخ الحكم عطاءً، وشيخ البَطِين ابنَ جُبيرٍ، وشيخ سلمة مجاهدًا، ويؤيِّده أنَّ النَّسائيَّ أخرجه من طريق عبد الرَّحمن بن مَغْراء عن الأعمش مفصَّلًا هكذا (قَالَتِ امْرَأَةٌ لِلنَّبِيِّ صلعم : إِنَّ أُخْتِي مَاتَتْ) ووصله التِّرمذيُّ أيضًا من طريق أبي خالدٍ بلفظ: إنَّ أختي ماتت وعليها صوم شهرين متتابعين.
          (وَقَالَ يَحْيَى) بن سعيدٍ (وَأَبُو مُعَاوِيَةَ) محمَّد بن خازمٍ _بالمعجمتين_ ممَّا رواه النَّسائيُّ وغيره: (حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ مُسْلِمٍ) البَطِين (عَنْ سَعِيدٍ) ولابن عساكر زيادة: ”ابن جبيرٍ“ فوافقا زائدة على أنَّ شيخ مسلم البطين فيه سعيدُ بن جبيرٍ (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) ☻ أنَّه قال: (قَالَتِ امْرَأَةٌ لِلنَّبِيِّ صلعم : إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ).
          (وَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ) بضمِّ أوَّله مُصغَّرًا ابن عَمْرٍو _بسكون الميم_ الرَّقِّيُّ، ممَّا وصله مسلمٌ (عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي(3) أُنَيْسَةَ) بضمِّ الهمزة وفتح النُّون وسكون التَّحتيَّة (عَنِ الحَكَمِ) بن عُتَيبة(4) المذكور (عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ) وسقط في رواية أبوي ذرٍّ والوقت وابن عساكر «ابن جبيرٍ» (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) ☻ أنَّه قال: (قَالَتِ امْرَأَةٌ لِلنَّبِيِّ صلعم : إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ نَذْرٍ) بالإضافة، وقد بيَّن أبو بِشْرٍ في روايته عند أحمد سبب النَّذر، ولفظه: أنَّ امرأةً ركبت البحر فنذرت إن نجَّاها الله أن تصوم شهرًا، فماتت قبل أن تصوم، وهذا ظاهرٌ في أنَّه غير رمضان‼.
          (وَقَالَ أَبُو حَرِيزٍ) بفتح الحاء المهملة وكسر الرَّاء آخره زايٌ، عبد الله بن الحسين قاضي سجستان، ممَّا وصله ابن خزيمة وغيره (حَدَّثَنَا) بالجمع، ولأبي الوقت: ”حدَّثني“ بالإفراد(5) / (عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) ☻ أنَّه قال: (قَالَتِ امْرَأَةٌ لِلنَّبِيِّ صلعم : مَاتَتْ أُمِّي وَعَلَيْهَا صَوْمُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا) وهذا الاختلاف من قوله: «امرأةٌ» و«رجلٌ» و«شهرٌ» و«شهران» و«خمسة عشر يومًا» يُحَمل على اختلاف وقائع، وفيه جواز الصَّوم عن الميت.


[1] في غير (ب) و(د): «اقضه».
[2] «ابن»: سقط من (د).
[3] «أبي»: سقط من (د).
[4] في (د): «عتبة»، وهو تحريفٌ.
[5] «بالإفراد»: مثبتٌ من (ب) و(س).