إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: كان يكون علي الصوم من رمضان فما أستطيع

          1950- وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ) نسبةً(1) لجدِّه، واسم أبيه عبد الله اليربوعيُّ التَّميميُّ قال: (حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ) هو ابن معاوية أبو خيثمة الجُعْفيُّ قال: (حَدَّثَنَا يَحْيَى) قال الحافظ ابن حجرٍ: هو ابن سعيدٍ الأنصاريُّ، لا ابن أبي كثيرٍ، ووهم(2) الكِرمانيُّ تبعًا لابن التِّين (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ) بن عبد الرَّحمن (قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ ♦ تَقُولُ: كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ) وسقط لفظ «من(3) رمضان» لابن عساكر(4)، وتكرير الكون لتَّحقيق القضيَّة وتعظيمها، والتَّقدير: كان الشَّأن يكون كذا، والتَّعبير بلفظ الماضي في الأوَّل والمضارع في الثَّاني؛ لإرادة الاستمرار وتكرار(5) الفعل (فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَ) ما فاتني من رمضان (إِلَّا فِي شَعْبَانَ، قَالَ يَحْيَى) بن سعيدٍ المذكور بالسَّند السَّابق: (الشُّغْلُ) بالرِّفع: فاعل فعلٍ محذوفٍ، أي: قالت عائشة: يمنعني الشُّغل، أي: أوجب ذلك الشُّغل، أو أنَّ يحيى قال: الشُّغل هو المانع لها، فهو مبتدأٌ محذوف الخبر (مِنَ النَّبِيِّ) صلعم ، أي: من أجله(6)، وفي بعض الأصول: ”قال يحيى: ذاك عن الشُّغل من النَّبيِّ“ (أَوْ بِالنَّبِيِّ صلعم ) لأنَّها كانت مهيِّئةً نفسها له صلعم مترصِّدةً لاستمتاعه في جميع أوقاتها إن أراد ذلك، وأمَّا‼ في شعبان فإنَّه صلعم كان يصومه، فتتفرَّغ عائشة ♦ فيه لقضاء صومها، وقوله: «قال يحيى... » إلى آخره، فيه بيان أنَّه ليس من قول عائشة، بل مُدرَجٌ من قول غيرها، لكن وقع في «مسلمٍ» مدرجًا لم يقل فيه: «قال يحيى» فصار كأنَّه من قولها، ولفظه: فما تقدر أن تقضيه مع رسول الله صلعم ، فهو نصٌّ في كونه من قولها، قال في «اللَّامع»: وفيه نظرٌ لأنَّه ليس فيه تصريحٌ بأنَّه من قولها، فالاحتمال باقٍ، وقد كان ╕ له تسع نسوةٍ يقسم لهنَّ ويعدل، فما تأتي نوبة الواحدة إلَّا بعد ثمانية أيَامٍ(7)، فكان يمكنها أن تقضي في تلك الأيَّام، وأُجيب بأنَّ القَسْم لم يكن واجبًا عليه، فهنَّ يتوقَّعن حاجته في كلِّ الأوقات، قاله القرطبيُّ وتبعه العلاء بن العطَّار، والصَّحيح عند الشَّافعيَّة وجوبه عليه، فيحتمل أن يُقال: كانت لا تصوم إلَّا بإذنه، ولم يكن يأذن لاحتمال احتياجه إليها، فإذا ضاق الوقت أذن لها.
          وفي هذا الحديث: أنَّ القضاء مُوسَّعٌ، ويصير في شعبان مُضيَّقًا، وإنَّ حقَّ الزَّوج من العشرة والخدمة مُقدَّمٌ على سائر الحقوق ما لم يكن فرضًا مُضيَّقًا.
          وأخرجه مسلمٌ وأبو داود والنَّسائيُّ وابن ماجه في «الصَّوم».


[1] في غير (ص) و(م): «نسبه».
[2] في (ب) و(د) و(س): «كما».
[3] «من»: سقط من غير (ب) و(س).
[4] الذي في نسختي البصري والقيصري من اليونينية أنه ثابت في حاشية رواية ابن عساكر.
[5] في (د): «وتكرُّر».
[6] في (م): «أهله»، وهو تحريفٌ.
[7] «أيَّام»: ليس في (د).