إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: ما يكون عندي من خير فلن أدخره عنكم

          1469- وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ) التِّنِّيسيُّ قال: (أَخْبَرَنَا مَالِكٌ) الإمام (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) الزُّهريِّ (عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ) بالمُثلَّثة، و«يزيد» من الزِّيادة (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ ☺ ، أَنَّ نَاسًا مِنَ الأَنْصَارِ) قال الحافظ(1) ابن حجرٍ: لم أعرف اسمهم، لكن في حديث النَّسائيِّ ما يدلُّ على أنَّ أبا سعيدٍ المذكور منهم (سَأَلُوا رَسُولَ اللهِ صلعم فَأَعْطَاهُمْ، ثُمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ) زاد أبو ذرٍّ: ”ثمَّ سألوه فأعطاهم“ (حَتَّى نَفِدَ) بكسر الفاء وبالدَّال(2) المهملة، أي: فرغ وفني (مَا عِنْدَهُ فَقَالَ: مَا يَكُونُ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ) «ما» موصولةٌ متضمِّنةٌ معنى الشَّرط، وجوابه: (فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ) بتشديد الدَّال المهملة، أي: لن أجعله ذخيرةً لغيركم، أو لن أحبسه وأخبأه وأمنعكم إيَّاه (وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ) بفاءين، وللحَمُّويي والمُستملي: ”ومن يستعفَّ“ بفاءٍ واحدةٍ مُشدَّدةٍ، أي: ومن طلب العفَّة عن السُّؤال (يُعِفَّهُ اللهُ) بنصب الفاء، أي: يرزقه الله العفَّة، أي: الكفَّ عن الحرام(3)، ولأبي ذرٍّ: ”يعفُّه الله“ برفع الفاء (وَمَنْ يَسْتَغْنِ) يُظْهِر الغِنى (يُغْنِهِ اللهُ، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ) يعالج الصَّبر ويتكلَّفه على ضيق العيش وغيره من مكاره الدُّنيا، قال في «شرح المشكاة»: قوله: «يعفَّه الله» يريد: أنَّ من طلب من نفسه العفَّة عن السُّؤال، ولم يظهر الاستغناء يعفَّه الله، أي: يصيِّره عفيفًا، ومن ترقَّى من هذه المرتبة إلى ما هو أعلى من / إظهار الاستغناء عن الخلق؛ لكن إن أُعطِي شيئًا لم يردَّه يملأ الله قلبه غنًى، ومن فاز بالقدح المُعلَّى وتصبَّر وإن أُعطِي لم يقبل، فهو هو؛ إذ الصَّبر جامعٌ لمكارم الأخلاق (يُصَبِّرْهُ اللهُ) يرزقه الله الصَّبر (وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ) بضمِّ الهمزة مبنيًّا للمفعول، و«أحدٌ» رُفِعَ، نائبٌ عن الفاعل (عَطَاءً)‼ نُصِبَ، مفعولٌ ثانٍ لـ «أُعطِي» (خَيْرًا) صفة «عطاءً» (وَأَوْسَعَ) عُطِفَ على «خيرًا» (مِنَ الصَّبْرِ) لأنَّه جامعٌ لمكارم الأخلاق، أعطاهم صلعم لحاجتهم، ثمَّ نبَّههم على موضع الفضيلة(4).


[1] «الحافظ»: ليس في (د).
[2] في (د): «والدَّال».
[3] في (د): «المحارم».
[4] قوله: «يُصَبِّرْهُ اللهُ يرزقه الله الصَّبر وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ... ثمَّ نبَّههم على موضع الفضيلة»، سقط من (ص).