إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: يعمل بيده فينفع نفسه ويتصدق

          1445- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ) القصَّاب قال: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) بن الحجَّاج قال: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ) بضمِّ المُوحَّدة وسكون الرَّاء (عَنْ أَبِيهِ) أبي بُرْدة، عامرٍ (عَنْ جَدِّهِ) جدِّ سعيد أبي موسى الأشعريِّ ☺ (عَنِ النَّبِيِّ صلعم ) أنَّه (قَالَ: عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ) أي: على سبيل الاستحباب المتأكِّد، ولا حقَّ في المال سوى الزَّكاة إلَّا على سبيل النَّدب ومكارم الأخلاق، كما قاله الجمهور (فَقَالُوا(1): يَا نَبِيَّ اللهِ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ) ما يتصدَّق به(2)؟ (قَالَ: يَعْمَلُ بِيَدِهِ فَيَنْفَعُ نَفْسَهُ وَيَتَصَدَّقُ، قَالُوا: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ؟ قَالَ: يُعِينُ ذَا الحَاجَةِ المَلْهُوفَ) بالنَّصب، صفةٌ لـ «ذا الحاجة» المنصوب على المفعوليَّة، و«الملهوف» شاملٌ للمظلوم والعاجز (قَالُوا: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ؟) أي: فإن لم يقدر؟ (قَالَ: فَلْيَعْمَلْ بِالمَعْرُوفِ) وعند المؤلِّف في «الأدب» [خ¦6022] من وجهٍ آخر عن شعبة: «فليأمر بالخير أو بالمعروف»، وزاد أبو داود الطَّيالسيُّ في «مُسنَده» عن شعبة(3): «وينهى عن المنكر» (وَلْيُمْسِكْ عَنِ الشَّرِّ، فَإِنَّهَا) بتأنيث الضَّمير، باعتبار الخصلة التي هي الإمساك (لَهُ‼) أي: للممسك (صَدَقَةٌ) والحاصل: أنَّ الصَّدقة تكون بمالٍ موجودٍ أو بمقدور التَّحصيل أو بغير مالٍ، وذلك إمَّا فعلٌ، وهو الإعانة، أو تركٌ، وهو الإمساك عن الشَّرِّ، لكن قال ابن المُنيِّر: إنَّ حصول ذلك للممسك إنَّما يكون مع نيَّة القربة به، وفيه تنبيهٌ على أنَّ التَّرك فعلٌ، ولذا جعل الإمساك والكفَّ صدقةً، ولا خلاف أنَّ الصَّدقة فعلٌ، فقد صَدَقَ على التَّرك أنَّه فعلٌ.
          ورواة / هذا الحديث كوفيُّون إلَّا شيخ المؤلِّف فبصريٌّ، وشعبة فواسطيٌّ، وفيه التَّحديث والعنعنة ورواية الابن عن أبيه عن جدِّه، وأخرجه مسلمٌ والنَّسائيُّ في «الزَّكاة».


[1] في (ص) و(م): «قالوا»، والمثبت موافقٌ لما في «اليونينيَّة».
[2] في (د): «أي: فإن لم يقدر».
[3] قوله: «فليأمر بالخير أو بالمعروف، وزاد أبو داود الطَّيالسيُّ في مُسنَده عن شعبة»، سقط من (د).