الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب ترجمة الحكام وهل يجوز ترجمان واحد؟

          ░40▒ (باب: تَرْجَمَة الحُكَّام...) إلى آخره
          قالَ العلَّامةُ العينيُّ: التَّرجمة: تفسير الكلام بلسانٍ غير لسانه. قوله: (وهل يجوز تَرْجُمانٌ واحدٌ...) إلى آخره، إنَّما ذكره بلفظ الاستفهام لأجل الخلاف، فعند أبي حنيفة وأحمد يُكْتَفَى(1) بواحد، واختاره البخاريُّ وابن المنذر وآخرون، وقالَ الشَّافعيُّ وأحمد: في الأصحِّ إذا لم يعرف الحاكم لسان الخصم لا يُقبل فيه إلَّا عدلان كالشَّهادة، وعن مالك: يكفي ترجمة ثقةٍ مسلمٍ مأمونٍ، واثنان أحبُّ إليَّ، والمرأة تجزئ، ولا يُقبَل ترجمةُ كافر، ولا يترجم مَنْ لا يجوز شهادته. انتهى مختصرًا.
          قوله: (وقال بعض النَّاس...) إلى آخره، قيل: أراد به الشَّافعيَّ، وقيل: أراد به بعض الحنفيَّة، لأنَّ محمَّد بن الحسن قال بأنَّه لا بدَّ مِنِ اثنين.
          أمَّا مطابقة الحديث بالتَّرجمة فبسط الحافظ الكلام عليه إذ قال: قالَ ابنُ بطَّالٍ: لم يُدْخِلِ البخاريُّ حديث هِرَقْلَ حجَّةً على جواز التَّرْجُمان المشترك، لأنَّ تَرْجُمان هِرَقْلَ كان على دين قومه، وإنَّما أدخله ليدلَّ على أنَّ التَّرْجُمان كان يجري عند الأمم مَجرى الخبر لا مَجرى الشَّهادة.
          وقالَ ابنُ المنيِّر: وجهُ الدَّليل مِنْ قصَّة هِرَقْلَ مع(2) أنَّ فِعله لا يُحتجُّ به أنَّ مثل هذا صوابٌ مِنْ رأيه، لأنَّ كَثِيرا ممَّا أَوْرَدَهُ فِي هَذِهِ القصَّة صَوَابٌ مُوَافِقٌ لِلْحَقِّ، فَمَوْضِعُ الدَّليل تَصْوِيبُ حَمَلَةِ الشَّرِيعَةِ لِهَذَا وَأَمْثَالِهِ مِنْ رَأْيِهِ وحسن تفطُّنه ومناسبة استدلاله وإن كان غلبت عليه الشَّقاوة، انتهى.
          وتكملة هذا أن يقال: يُؤخَذ مِنْ صحَّة استدلاله فيما يتعلَّق بالنُّبوَّة والرِّسالة أنَّه كان مطَّلعًا على شرائع الأنبياء، فتُحمَل تصرُّفاته على وَفْق الشَّريعة الَّتي كان مستمسكًا(3) بها، إلى [آخر] ما في «الفتح».


[1] في (المطبوع): ((يكتفي)).
[2] في (المطبوع): ((من)).
[3] في (المطبوع): ((متمسكاً)).