الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب من قضى ولاعن في المسجد

          ░18▒ (باب: مَنْ قَضَى ولَاعَنَ فِي المَسْجِد)
          قالَ الحافظُ: الظَّرف يتعلَّق بالأمرين، فهو مِنْ تنازُع الفعلَين، ويحتمل أن يتعلَّق بـ(قضى) لدخول (لاعن) فيه، فإنَّه مِنْ عطفِ الخاصِّ على العامِّ، قالَ ابنُ بطَّالٍ: استَحبَّ القضاءَ في المسجد طائفةٌ، وقالَ مالكٌ: هو الأمر القديم، لأنَّه يصل إلى القاضي فيه المرأة والضَّعيف، وإذا كان في منزله لم يصل إليه النَّاس لإمكان الاحتجاب، قال: وبه قال أحمدُ وإسحاق، وكرهت ذلك طائفة، وكتب عمر بن عبد العزيز إلى القاسم بن عبد الرَّحمن ألَّا تقضي في المسجد فإنَّه يأتيك الحائض والمشرك، وقالَ الشَّافعيُّ: أحبُّ إليَّ أن يُقضى في غير المسجد ذلك(1). انتهى.
          وفي «الهداية»: ويجلس للحُكم جلوسًا ظاهرًا في المسجد،كيلا يشتبه مكانه على الغرباء وبعض المقيمين، والمسجد الجامع أَولى لأنَّه أشهر، وقال الإمام الشَّافعيُّ: يُكرَه الجلوس في المسجد للقضاء إلى أن قال: وكان رسول الله صلعم / يفصل الخصومة في مُعْتَكَفِه، وكذا الخلفاء الرَّاشدون كانوا يجلسون في المساجد لفصل الخصومات، ولأن القضاء عبادة... إلى آخر ما ذكر.
          قلت: وقد تقدَّم نحو هذا الباب في أبواب المساجد بلفظ (باب: القضاء واللِّعان في المسجد بين الرِّجال والنِّساء) ذكر صاحب «الفيض» هاهنا تحت ترجمة الباب: وافق أبا حنيفة في أنَّ القضاء عبادة، فيصحُّ في المسجد، فإن كان المدَّعَى عليه ممَّن لا يجوز له الدُّخول في المسجد كالحائض يخرج إليه أو يرسل نائبه، وقال الشَّافعيَّة: إنَّه ليس بعبادة فلا يقضى في المسجد. انتهى.


[1] في (المطبوع): ((لذلك)).