الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب

           ░11▒ (بابٌ) بلا ترجمة
          وهذا أوَّل بابٍ وُجِد بغير ترجمةٍ، وقد تقدَّم في الأصول أنَّ مثل هذا الباب يكون لمَعَانٍ كثيرةٍ:
          منها: ما تقدَّم في الأصل السَّابع: بدل حاء التَّحويل، وهذا خاصٌّ ببابٍ واحدٍ كما تقَدَّم في مَوضِعِه.
          والثَّاني: وهو الأصل العشرون: كالفَصل للباب السَّابق، وهذا أصلٌ مطَّرِدٌ وشائعٌ كثير الوقوع.
          والثَّالث: [وهو] الأصل الخامس والعشرين(1): تشحيذًا للأذهان، ليترجم عليه بترجمةٍ نفيسةٍ مناسبةٍ لشأن البخاريِّ.
          الرَّابع: وهو الأصل السَّادس والعشرين(2): تعميمًا وتكثيرًا للتَّراجم، وهذان اخترعهما شيخ الهند.
          والخامس: وهو الأصل السَّابع والثَّلاثون: تنبيهًا على تعَدُّد طرق الحديث، كما قاله الشُّرَّاح.
          والسَّادس: وهو الأصل السَّابع والخمسون: رجوعٌ إلى الأصل، والمعروف على الألسنة أنَّ الأكثر في مثل هذا الباب يكون له تعلُّقٌ بالباب السَّابق، وهو أصْلٌ مطَّرِدٌ كما تقدَّم قريبًا في الأصل العشرين.
          وأفاد شيخ الهند في الأصل الثَّامن مِنْ أصوله أنَّ المصنِّف لا يترك التَّرجمة سهوًا ولا لإرادة أنْ يترجم بعد ذلك.
          بل الأوجَهُ أنَّ فيه وجهان(3):
          الأوَّل: أنَّ لها تعَلُّقًا بالتَّرجمة السَّابقة، مع أنَّ مفهوم العلاقة أيضًا وسيعٌ عند المصنِّف ⌂.
          والأوجه منه أنَّ المصنِّف يفعل ذلك تشحيذًا للأذهان، وترغيبًا للطَّالبين أن يترجموا عليه ترجمةً تناسب الحديث والتَّراجم الَّتي ذُكرت قبلُ مطابقةٌ لشأن المصنِّف.
          وبناءً على ذلك قال: هذه التَّرجمة إنَّ لها مناسبةً بالباب السَّابق، بأنَّ الاجتناب عن الكَبائر أيضًا مِنْ عَلامَات الإيمان، كما أنَّ حُبَّ الأَنْصَار مِنَ الإيمان.
          أو يُقال: إنَّه أراد التَّنبيه على ترجمةٍ جديدةٍ مناسبةٍ لتراجمه، مثلًا: الاجتناب مِنَ الكبائر مِنَ الإيمان، أو البيعة على ترك الكبائر مِنَ الإيمان.
          والأولى هاهنا أنَّ المصنِّف قد أثبت في تراجمَ عديدةٍ كون الأعمال مِنَ الإيمان ومِنَ الإسلام، وهذا وإن بَادَ به(4) مذهب المرجِئَة، ولكنَّ فيه مظنَّةً لتقوية مذهب المعتزلة والخوارج، وهو ممَّا يَخْتَلِج في الصَّدر، فعَقَد هذا الباب بلا ترجمةٍ، وأورد فيه حديثًا ظهر به بطلان مذهب المرجئة والخوارج والمعتزلة، فنظرًا إلى هذه الأمور يلصَق بالقلب أنَّ الباعث على ترك التَّرجمة هو تكثيُر الفوائد أيضًا. انتهى.
          قلت: والأوجه عند هذا العبد الضَّعيف أنَّ الباب متعلِّقٌ بما سبق خاصَّةً، والمناسبة لبيان سبب كون حبِّهم مِنَ الإيمان هو بيعة العقبة، لأنَّ هذه البيعة كانت أصْلًا وأسَاسًا / لنُصْرتِهم النَّبيَّ صلعم والمهاجرين، أو أنَّ هذا بيانٌ لبَدْء تَلْقِيبهم بالأنصار، فإنَّهم عاهدوا في هذه اللَّيلة بالنُّصرة.
          ولا يذهب عليك أنَّ هذا الباب مذكورٌ في الجدول الرَّابع مِنْ جداول شيخ الهند، ورقم عليه نقطةً واحدةً، وذَكَر هذا النَّوع في الأبواب الَّتي حذفَ المصنِّف ترجمتها تشحيذًا للأذهان، فينبغي أن يُتَرْجَم له على أصول شيخ الهند قُدِّس سرُّه ترجمةً تناسب الحديث، وقد أشرت [إليه] فيما سبق، مثلًا: يمكن أن تكون التَّرجمة هاهنا باب: سبب كون حبِّ الأنصار مِنَ الإيمان) ونحو ذلك، فلكلِّ أحدٍ أن يترجم بما شاء
وللناس فيما يعشقون مذاهب


[1] في (المطبوع): ((والعشرون)).
[2] في (المطبوع): ((والعشرون)).
[3] في (المطبوع): ((وجهين)).
[4] في (المطبوع): ((وإن باديه)).