التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث: لئن أشهدني الله مع النبي ليرين الله ما أجد

          4048- قوله: (حَدَّثَنَا(1) حَسَّانُ بنُ حَسَّانَ): هذا بصريٌّ، يروي عن شعبة وهمَّام، وعنه: البُخاريُّ وأبو زرعة، قال أبو حاتم: منكر الحديث، وقال البُخاريُّ: (كان المقرئ يثني عليه)، مات سنة ░213هـ▒، أخرج له البُخاريُّ فقط، له ترجمة في «الميزان»، وذكره ابن حبَّان في «الثقات».
          قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ): هذا هو محمَّد بن طلحة بن مصرِّف الياميُّ الكوفيُّ، يروي عن أبيه، وزُبيد الياميِّ، وجماعة، ولم يرحل، وعنه: شَبَابة، وأسد بن موسى، وحجَّاج الأعور، وأبو داود الطيالسيُّ، وابن مهديٍّ، وخلقٌ، قال أحمد: (لا بأس به، إلَّا أنَّه لا يكاد يقول في شيء من حديثه: حدَّثنا)، وقال ابن معين: (يُتَّقى حديثه)، وقال مرَّة: (صالح)، وقال مرَّة: (ضعيف)، وقال النَّسائيُّ: (ليس بالقوي)، وقال ابن حبَّان في «الثقات»: (مات سنة «167هـ»، وكان يخطئ)، انتهى، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، وابن ماجه، له ترجمة في «الميزان»، و(حُمَيْدٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الطويل ابن تير، ويقال: تيرويه.
          قوله: (عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ عَمَّهُ): عمُّ أنس هو أنس بن النضر بن ضمضم النجاريُّ، استُشهِد بأُحُد كما سيأتي [خ¦64/26-6016]، ☺.
          قوله: (لَيَرَيَنَّ اللهُ مَا أَصْنَع(2)): كذا في أصلنا، قال الشيخ محيي الدين النَّوويُّ: («ليراني(3) الله ما أصنع» هكذا هو في أكثر النسخ بـ«مسلم»: «ليراني» بالألف، وهو صحيح، ويكون «ما أصنع» بدلًا من الضمير في «أراني؛» أي: ليرى الله ما أصنع، ووقع في بعض النسخ: «ليرينَّ الله» بياء بعد الراء، ثُمَّ نون مشدَّدة، وهكذا وقع في «صحيح البُخاريِّ» [خ¦2805]، وعلى هذا ضبطوه بوجهين؛ أحدهما: ليَرَينَّ _بفتح الياء والراء_؛ أي: سيراه الله واقعًا بارزًا، والثاني: ليُرِينَّ _بضمِّ الياء، وكسر الراء_، ومعناه: ليُرِينَّ اللهُ الناسَ ما أصنع، ويبرزه)، انتهى.
          وفي نسخة (ما أجِدُّ) عوض (ما أصنع)، وعليها في هامش أصلنا (صح)، وهو (أَجِدُّ)؛ بفتح الهمزة، وكسر الجيم، وتشديد الدال المهملة: فعلٌ مستقبلٌ؛ أي: أجتهد، قال شيخنا بعد أن ذكر هذه الرواية: (وبفتح الهمزة، وتخفيف الدال؛ أي: ما أفعل)، انتهى، قال ابن قُرقُول: («ما أُجِدُّ»؛ كذا للأصيليِّ، وللقابسيِّ ثلاثيًّا على ما تَقَدَّم من قول الحربيِّ وأبي زيد)، انتهى، وقد قَدَّم قبل هذا ما لفظه: (قال الحربيُّ: جدَّ في الحاجة يَجُدُّ: بلغ فيها جِدَّه، وأَجَدَّ يُجِدُّ: صار ذا جِدٍّ، وأبو زيد: جدَّ وأجدَّ واحدٌ)، انتهى.
          وقال شيخنا: (قال ابن التين: ضبط «أُجِدُّ» في بعض الروايات بضمِّ الهمزة، وتشديد الدال، وصوابه: فتح الهمزة، يقال: جدَّ جِدًّا؛ إذا اجتهد في الأمر وبالغ، وفي بعضها بفتح الهمزة، وتخفيف الدال، ومعناه: ما أفعلُ، و«ما أُجِدُّ» بضمِّ الهمزة فمعناه: أنَّه صار في أرض مستوية، ولا يليق ذلك بمعنى الحديث، وإنَّما يصحُّ معناه بفتح الهمزة، وكسر الجيم، وتشديد الدال، وكذا ضبط في بعضها)، انتهى.
          قوله: (فَهُزِمَ النَّاسُ): هذا فيه مجاز، لم ينهزم الناس كلُّهم، بل ثبت معه جماعة، قال ابن سعد: (وثبت معه صلعم عصابة من أصحابه؛ أربعة عشر رجلًا؛ سبعة من المهاجرين فيهم أبو بكر الصِّدِّيق، وسبعة من الأنصار حتى تحاجزوا)، وروى البُخاريُّ: (لم يبق مع النَّبيُّ صلعم إلَّا اثنا عشر رجلًا) [خ¦3039]، قال بعضهم في ذلك _كما تَقَدَّم [خ¦3039]_: (قيل: هم العشرة، وجابر بن عبد الله، وعمَّار، وابن مسعود)، والله أعلم، وفي هذا نظرٌ، وكأنَّه انتقل حفظُه من الجمعة [خ¦936] إلى هنا، وعثمانُ عِلمُك به ما صنع، وأيضًا هؤلاء ثلاثةَ عشرَ، وقد قدَّمتُ تعيين مَن ثبت معه يومئذٍ [خ¦3039]، وقد ذكرهم ابن سعد في «طبقاته»، منهم: محمَّد بن مسلمة، وعاصم بن ثابت بن أبي الأقلح، وسهل ابن حُنيف، وأبو دُجانة سِمَاك بن خَرَشَة، والحُباب بن المنذر، وأُسيد بن الحُضير، ذكر ذلك مفردًا في تراجمهم، وفي «مغازي الواقديِّ»: (وثبت معه ◙ أربعة عشر؛ سبعة من المهاجرين: أبو بكر الصِّدِّيق، وعليٌّ، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقَّاص، وطلحة بن عُبيد الله، وأبو عُبيدة ابن الجرَّاح، والزُّبَير، ومن الأنصار سبعة: الحُباب بن المنذر، وأبو دُجانة، وعاصم بن ثابت بن أبي الأقلح، والحارث بن الصِّمَّة، وسهل بن حُنيف، وأُسيد بن الحُضير، وسعد بن معاذ، ويقال: ثبت معه سعد ابن عبادة، ومحمَّد بن مسلمة، يجعلونهما مكان أُسيد بن حُضير وسعد بن معاذ)، انتهى، وقد تَقَدَّم [خ¦3039].
          وفي «مسلم»: (أُفرِد يومئذٍ في سبعة من الأنصار، ورجلين من قريش: طلحة، وسعد بن أبي وقَّاص)، وفي «البُخاريِّ»: (لم يَبْقَ مع النَّبيِّ صلعم في بعض تلك الأيام التي يقاتل فيهن غير طلحة وسعد) [خ¦3722]، وكان هذا في يوم أُحُد، وقد ذكرت في (باب ما يكره من التنازع) عن ابن شيخنا البلقينيِّ تعيين من ثبت معه يومئذٍ، وقد قدَّمتُ بعض ما ذكرته هنا في (الجهاد) [خ¦3039].
          تنبيه: أعرف ممَّن انهزم يوم أحد عثمان بن عَفَّان، وسعد بن عثمان وأخوه عقبة بن عثمان من بني زريق، وخارجة بن عامر الأنصاريُّ، ثُمَّ عفا الله عنهم، قال ابن عقبة: (تولَّوا حتَّى انتهَوا إلى بئر جَرْم)، وقولي: (خارجة بن عامر) فكذا سمَّى أباه أبو عمر في «الاستيعاب»، وكذا ابن سيِّد الناس في «سيرته»، وأمَّا الذَّهبيُّ؛ فسمَّى أباه عَمرًا، والله أعلم.
          قوله: (وَأَبْرَأُ): هو بهمزة مفتوحة في أوَّله، وهمزة مضمومة في آخره، وهذا ظاهرٌ.
          قوله: (فَلَقِيَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ): تَقَدَّم بعض ترجمة هذا الرجل (سعد بن معاذ) في مناقبه ☺ [خ¦63/12-5691].
          قوله: (فَمَا عُرِفَ): هو مبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعله.
          قوله: (حَتَّى عَرَفَتْهُ أُخْتُهُ بِشَامَةٍ، أَوْ بِبَنَانِهِ): (أخته): هي الرُّبَيِّع _بضمِّ الراء، وفتح الموحَّدة، وتشديد المثنَّاة تحت المكسورة_ / بنت النضر، جاء ذلك مصرَّحًا به في «مسلم»، وهي عمَّة أنس بن مالك، وهي التي كسرت ثنيَّة جارية، فطلبوا القصاص، فقال أخوها _وهو هذا أنس بن النضر_: (أتُكسَر سنُّ الرُّبيِّع يا رسول الله؟! لا والذي بعثك بالحق، فقال ◙: «يا أنسُ؛ كتاب الله القصاصُ...») إلى أن قال: («إنَّ من عباد الله مَن لو أقسم على الله؛ لأبرَّه») [خ¦2703]، وهي أمُّ حارثة التي أُصيبت [به] يوم بدر، وقصَّتها مشهورة، تَقَدَّمت [خ¦2809].
          وقوله: (بِشَامَةٍ أَوْ بِبَنَانِهِ): شكٌّ من الراوي، وجاء في بعض طرقه: (ببنانه) [خ¦2805] وهو الصواب؛ قاله ابن قُرقُول، و(البَنان)؛ بفتح الموحَّدة، ثُمَّ نونين، بينهما ألف: أطراف الأصابع، واحدتها: بَنانة، وجمع القلَّة: بَنانات.
          قوله: (وَبِهِ بِضْعٌ وَثَمَانُونَ): تَقَدَّم أنَّ البِضع في العدد بكسر الموحَّدة، وبعض العرب يفتحها، وهو ما بين الثلاث إلى التسع، قال في «الصحاح»: (فإذا جاوزت لفظ العشر؛ ذهب البضع، لا تقول: بضع وعشرون)، انتهى، وما في الحديث ردٌّ عليه، وقد تَقَدَّم الردُّ عليه في قوله: «الإيمان بضع وستُّون _أو بضع وسبعون_ شعبة» _الشكُّ من الراوي_ في (كتاب الإيمان)، وقد تَقَدَّم، وكذا الكلام على الشكِّ فيه [خ¦9].


[1] كذا في (أ) و(ق)، وفي «اليونينيَّة»: (أخبرنا) وهي رواية أبي ذرٍّ.
[2] كذا في (أ) و(ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (أُجِدُّ).
[3] في (أ): (ليَرَيَنّ)، والمثبت من مصدره.