التوضيح لشرح الجامع البخاري

حديث: ائذن له وبشره بالجنة

          3674- الحديث الثالث عشر: قال البخاريُّ: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن مِسْكِينٍ أَبُو الحَسَنِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، حَدَّثَنَا سُلَيمَانُ، عن شَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، عَن سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَخْبَرَنِي أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ أنَّه تَوَضَّأَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ خَرَجَ، فَقَالَ: لَأَلْزَمَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم وَلَأَكُونَنَّ مَعَهُ يَوْمِي هذا، قَالَ: فَجَاءَ الْمَسْجِدَ فَسَأَلَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلعم، فَقَالُوا: خَرَجَ وَجَّهَ هَاهُنَا، فَخَرَجْتُ عَلَى إِثْرِهِ أَسْأَلُ عَنْهُ حَتَّى دَخَلَ بِئْرَ أَرِيسٍ...) فذكر دخول الصِّدِّيق وعُمَرَ وعُثْمَان وبشَّرَهم بالجَنَّة، وفي آخره: (قَالَ سَعِيْدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: فَأَوَّلْتُهَا قُبُورَهُمْ).
          الشرح: (أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ) اسمه عبدُ اللهِ بنُ قيسِ بن سُليمِ بن حضَّارٍ أمير زُبَيدٍ والعَدَنِ لرسول الله صلعم، وأمير البصرة والكوفة، مات سنة أربعٍ وأربعين، وادَّعى الواقديُّ أنَّه كان حليفًا لبني سعيد بن العاص، وأنَّه أسلم بمكَّةَ وهاجر إلى الحبشة ثمَّ قَدِم عامَ خَيْبَرَ، و(شَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ) هو أبو عبد الله / شَرِيكُ بن عبد الله بن أبي نَمِرٍ، مات سنة أربعين ومائة، وقد أُنْكِرَ عليه وعلى مسلمٍ إخراج حديثه في الإسراء، وفيه: كان نائمًا قبل أن يُوحى إليه. وقال النَّسائيُّ: ليس بالقَويِّ. و(يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ) تِنِّيسِيٌّ، مات سنة ثمانٍ ومائتين، وشيخُ البخاريِّ جدُّه نُمَيْلَةُ اليَمَامِيُّ بصرِيٌّ.
          وفيه مِن الفوائد: أنَّ المرءَ يكون بوَّابًا للإمام وإن لم يأمره، وفي روايةٍ له في مناقب عُثْمَانَ: أنَّه أمرَه بحفظ الباب، وفي هذا مختلف الحديث كما قال الدَّاوديُّ، وقد يقوله أبو موسى في نفسه ثمَّ يستأذنه، فيأمرُه بحفظٍ فلا اختلاف، وفيه حركةُ الباب ودفعُه لمن يستأذن، ويحتمل أن يكون هذا قبل الاستئذان، وفيه مَنْقَبَةٌ لهؤلاء الصَّحابة حيث بشَّرَهم بالجَنَّة، ولعُثْمَانَ بزيادةِ الابتلاء، وقد وقع كما أخبر.
          و(بِئْرَ أَرِيسٍ) بفتح أوَّله وكسر ثانيه ثمَّ ياءٍ مثنَّاةٍ تحت، ثمَّ سينٍ مهملةٍ بالمدينة، وهو الذي وقع فيه الخاتم مِن يد عُثْمَان ☺، والقُفُّ بقافٍ مضمومةٍ ثمَّ فاءٍ: الدَّكَّة التي جُعلت حول البئر، وأصلُه ما غَلُظ مِن الأرض وارتفعَ، والجمع قِفَافٌ، قال أبو موسى المدِينيُّ: ولم يكن جبلًا، والقُفُّ: اليابس، ويحتمل أن يكون سُمِّيَ به لأنَّ ما ارتفع حول البئر يكون دون غيره عاليًا، وجاء مِن حديث أنسٍ ☺ أنَّ عُثْمَانَ لَمَّا دخلَ غطَّى فَخِذه وقال: ((أَلَا أَسْتَحِي ممَّن اسْتَحْيَتْ مِنْهُ المَلائكةُ)).