التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب مناقب سعد بن أبي وقاص

          ░15▒ (بَابُ مَنَاقِبِ سَعْدِ بْنِ أبي وقَّاصٍ الزُّهريّ، وَبَنُو زُهْرَةَ أَخْوَالُ النَّبِيِّ صلعم، وَهْوَ سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ ☺).
          هو أبو إسِحْاقَ سَعْدُ بن أبي وقَّاصٍ مالكٍ _كما ذكره البخاريُّ_ بنِ أُهَيْب بنِ عَبْدِ مَنَافِ بنِ زُهْرَةَ بنِ كلابِ بنِ مُرَّةَ الزُّهريُّ، أحدُ العشرة وآخرُهم موتًا، أُحُديٌّ شَجَرِيٌّ، مِن المهاجرين الأوَّلين الذين صلُّوا القبلتين، وأوَّلُ مَن رمى بسهمٍ في سبيل الله _وسيأتي في سَرِيةِ عُبَيدةَ بن الحارث_ وفارسُ الإسلام، زاد أبو الثَّنَاء: وأنَّه ◙ لعنَ مَن قَدَح في نسبه، وأنَّه لزمَ بيتَه في الفتنة، وأمرَ أهلَه أن لا يخبروه بشيءٍ مِن أخبار النَّاس، وكان سابعَ سبعةٍ في الإسلام.
          أُمُّهُ: حَمْنَةُ بنتُ سُفْيَانَ بنِ أُمَيَّةَ بنِ عبد شمسِ بنِ عبدِ مَنَافٍ. شهد بدرًا والمشاهدَ، كان أحد الستَّةِ أُولي الشُّورى، وكان مُجابَ الدَّعوة مشهورًا بذلك، وأحد الفرسان، مات في قصره بالعَقِيق ودُفن بالبَقِيع سنةَ خمسٍ وخمسين _على الأصحِّ_ أو ستٍّ أو سبعِ أو ثمانٍ، وهو أشهر وأكثر، عن بِضْعٍ وسبعين أو ثمانين، وأوصى أن يُكفَّن في جُبَّةِ صوفٍ قاتلَ فيها يومَ بدرٍ، قيل: إنَّ تَرِكَته مائتا ألفٍ وخمسون ألفًا، ثمَّ ذكرَ البخاريُّ في الباب أربعةَ أحاديثَ:
          3725- أحدُها: حديث سَعِيدِ بْنِ المسيِّب: (سَمِعْتُ سَعْدًا يَقُولُ: جَمَعَ لِي رَسُولُ اللهِ صلعم أَبَويْهِ يَوْمَ أُحُدٍ).
          3726- ثانيها: حديث عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ: (عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَأَنَا ثُلُثُ الإِسْلَامِ).
          3727- ثالثُها: حديث سَعِيدِ بْنِ المسيِّب عن سَعْدِ بْنِ أبي وقَّاصٍ ☺: (مَا أَسْلَمَ أَحَدٌ إِلَّا فِي اليَوْمِ الذِي أَسْلَمْتُ فِيهِ، وَلَقَدْ مَكَثْتُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَإِنِّي لَثُلُثُ الإِسْلَامِ. تَابَعَهُ) يعني: تابعَ ابنَ أبي زائدَةَ (أَبُو أُسَامَةَ: حَدَّثَنَا هَاشِمٌ) ابنُ هاشمِ بن عُتْبَةَ بن أبي وقَّاصٍ عن سعيدٍ، وهذه المتابعة أسندَها، بعدُ: في باب إسلامه [خ¦3858].
          3728- رابعها: حديثُ قَيْسٍ قَالَ: (سَمِعْتُ سَعْدًا ☺ يَقُولُ: إِنِّي لأَوَّلُ العَرَبِ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللهِ، وِكُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللهِ صلعم وَمَا لَنْا طَعَامٌ إِلَّا وَرَقُ الشَّجَرِ، حَتَّى إِنَّ أَحَدَنَا لَيَضَعُ كَمَا يَضَعُ البَعِيرُ أَوِ الشَّاةُ مَا لَهُ خِلْطٌ، ثُمَّ أَصْبَحَتْ بَنُو أَسَدٍ تُعَزِّرُنِي عَلَى الإِسْلَامِ، لَقَدْ خِبْتُ إذًا وَضَلَّ عَمَلِي، وَكَاُنوا وَشَوْا بِهِ إِلَى عُمَرَ، وقَالُوا: لَا يُحْسِنُ يُصَلِّي).
          وقد أسلفنا في ترجمة الصِّدِّيق ☺ [خ¦3660] حديثَ عمَّارٍ: رَأَيْتُ النَّبيَّ صلعم وَمَا مَعَهُ إِلَّا خَمْسَةُ أَعْبُدٍ وَامْرَأَتَانِ وَأَبُو بَكْرٍ. وفيه / منافاةٌ لقوله: (مَكَثْتُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَإِنِّي لَثُلُثُ الإِسْلَامِ)، قال ابن التِّين: إنْ تكن الروايتان محفوظتين، فلم يعلم سعدٌ إلَّا برسول الله صلعم وأبي بكرٍ، ولم يعلم عمٌار بسَعدٍ، ويحتمل أنْ يريدَ سعدٌ ثلاثةً غير رسول الله صلعم، ويحتمل أن يكون ◙ أحدَهم، أو يريدَ سعدٌ مِن الرجال الأحرار.
          ومعنى: (تُعَزِّرُنِي عَلَى الإِسْلَامِ) أي تؤدِّبني، ومنه التَّعْزِير الذي هو التأديب على الرِّيبة، والمعنى: تعلِّمُني الصَّلاة، وتعيِّرُنِي بأنِّي لا أحسنُهَا.
          وقوله: (وَشَوْا بِهِ) قال ابنُ فارسٍ: وَشَى كلامَه إذا كذَبَ ونمَّ، وقال ابن عَرَفَةَ: لا يُقَال لمن نمَّ واشٍ حتَّى يغيِّر الكلام ويلوِّنَهُ، ويجعلَه ضروبًا ويزيِّن منه ما يشاء. وجمعه لأبويه له قد سلف مثلُه في حقِّ الزُّبَيْر.