التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب مناقب عبد الله بن مسعود

          ░27▒ (بَابُ مَنَاقِبِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ بن غافل
          هو أبو عبد الرحمن عبدُ اللهِ بن مسعودٍ الهُذَليُّ، حليفُ بني زُهْرَةَ أحدُ السابقين والبدريِّين والفقهاء، وفي التِّرْمذيِّ مِن حديث الحارثِ الأعورِ عن عليٍّ ☺ مرفوعًا: ((لو كنتُ مؤمِّرًا أحدًا عن غير مشورةٍ لأمَّرتُ عليهم ابنَ أمِّ عبْدٍ))، رُوِي أنَّه خلَّفَ تسعينَ ألف دينارٍ سوى الرَّقيق والماشية، مات بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين عن بِضْعٍ وسِتِّين.
          ذكر البخاريُّ في الباب أربعة أحاديث:
          3759- 3760- أحدها: حديث عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو: (إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا، وَقَالَ: إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ أَحْسَنَكُمْ أَخْلَاقًا، وقال: اسْتَقْرِئُوا القُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ)، وذكره كما سلف في الباب قبله إلى قوله: (ومُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ).
          3761- ثانيها: حديثُ عَلْقَمَةَ السالفُ في مناقب عَمَّارٍ [خ¦3743].
          وقوله: (أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللهِ صلعم، فَاهُ إِلَى فِيَّ) هذا أحد اللُّغات أن يجعل الفم مثل عَصًا ورحًى فإعرابه مقدَّرٌ في آخره.
          3762- ثالثُها: حديثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: (سَأَلْنَا حُذَيْفَةَ عَنْ رَجُلٍ قَرِيبِ السَّمْتِ وَالْهَدْيِ مِنَ النَّبِيِّ صلعم حَتَّى نَأْخُذَ عَنْهُ، فَقَالَ: مَا أَعْرِفُ أَحَدًا أَقْرَبَ سَمْتًا وَهَدْيًا وَدَلًّا بِالنَّبِيِّ صلعم مِنِ ابن أُمِّ عَبْدٍ).
          الدلُّ بفتح الدَّال الشَّكل التي يكون عليها الإنسان مِن السَّكِينة والوَقَار، وحُسن السِّيرة والطريقة والمنظر والهيئة، والسَّمْتُ الخشوع في الحركة، والهَدْيُ السِّيرة، والدلُّ قريبٌ منه، كأنَّه يريدُ به إسكانَ الحركة في المشي ونحو ذلك مِن الشَّمائل، و(ابْنُ أمِّ عَبْدٍ) هو عبدُ اللهِ بن مَسْعُودٍ، وإنَّما سألوه عمَّن عندَهم ومَن لَقَوه وكان ذلك بعد وفاة الصِّدِّيق والفاروق، قال مالكٌ: كان أشبهَ النَّاس برسول الله صلعم في هَدْيه عُمَرُ، وكان أشبَهَ ولد عُمَرَ بعُمَرَ عبدُ الله، وكان أشبهَ ولدِ عبد الله به سالمٌ.
          3763- الحديث الرابع: حديث أبي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ: (قَدِمْتُ أَنَا وَأَخِي مِنَ اليَمَنِ فَمَكثْنَا حِيْنًا لَا نُرَى إِلَّا أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ مسَعْوُدٍ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ صلعم، لِمَا نَرَى مِنْ دُخُولِهِ وَدُخُولِ أُمِّهِ عَلَى النَّبِيِّ صلعم).
          ودخولُهما بيتَه دالٌّ على فضلهم وخيرهم، وعبدُ الله أحد الفقهاء كما سلف، وأحد القُرَّاء، وإنَّما يُذكَر في بعض الأحوال بأُمِّهِ لأنَّها بقيت بعد أبيه، وصحبَتْ رسول الله صلعم، وكان عبد الله بدرِيًّا كما سلف، وهو الذي احتزَّ يومئذٍ رأس أبي جهلٍ.
          فائدة: قول البخاريِّ في إسناد هذا الحديث: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ العَلَاءِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ) هو إبراهيمُ بن يُوسُفَ بن إسحاقَ بن أبي إسْحَاقَ عن أبيه، عن جَدِّه أبي إسْحَاقَ، وهو مِن رجال مسلمٍ أيضًا كأبيه، وفيه لِينٌ، قال يحيى: لا يَسوي حديثُه شيئًا، مات سنة ثمانٍ وتسعين ومائةٍ.