التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب مناقب عمر بن الخطاب

          ░6▒ (بَابُ مَنَاقِبِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ أَبِي حَفْصٍ القُرَشِيِّ العَدَوِيِّ ☺).
          الشرح: الحَفْصُ في اللُّغة: الأسدُ، وهو أميرُ المؤمنين أبو حفصٍ عُمَرُ بنُ الخطَّابِ بنُ نُفَيلِ بن عَبْدِ العُزَّى بن رِياح _بالكسر والمثنَّاة تحت / وخالف مُحَمَّد بن حبيبٍ فقال: بالباء الموحَّدةِ_ بن عبدِ اللهِ بن قُرطِ بن رَزَاحِ بن عَدِيِّ بن كَعْبِ بنُ لؤيٍّ العَدَوِيُّ.
          أُمُّهُ: حَنْتَمةُ بنتُ هاشمِ بن المغيرةِ المَخْزُومِيِّ أمُّ عُمَرَ، ولا عَقِب لهاشمٍ إلَّا منها، ومَن قال: بنتُ هِشَامٍ فقد أخطأَ، وإنَّما هي ابنةُ عَمِّها، يُقَال: وُلِد بعد الفيل بثلاث عشرة سنةً، وكان مِن أشراف قُرَيْشٍ، وإليه كانت السِّفَارة في الجاهليَّة، وكان إسلامه بعد ستٍّ مِن النُّبوَّة، وقيل: خمسٌ، وقد عَقَدَ البخاريُّ بابًا في إسلامه، يأتي بَعْدُ [خ¦3863]، وهاجر في أوَّل المهاجرين إلى المدينة وشهد المشاهد، قال هِلَالُ بن يَسَافٍ: أسلم بعد أربعين رجلًا وإحدى عشرة امرأةً، وقيل غير ذلك، وذكر العسكرِيُّ عن ابن عبَّاسٍ قال: أسلم مع رسول الله صلعم تسعة وتسعون رجلًا، وثلاثة وعشرون امرأةً، ثمَّ أسلم عُمَرُ، ونزل جبريلُ بهذه الآية: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الأنفال:64]، وزعم السُّهَيْلِيُّ أنَّ إسلامَه كان والمسلمون إذ ذاك بضعةٌ وأربعون رجلًا، ولعلَّ ذلك بمكَّةَ، وإلَّا فقد ذكر ابنُ إسحاقَ أنَّ في الحبشة كان منهم ثلاثة وثمانين رجلًا، وذكر ابن سعدٍ أنَّ إسلامَه كان في ذي الحِجَّةِ وله ستٌّ وعشرون سنةً، وقال المومِّلِيُّ: أسلم بعد تسعةٍ وأربعين رجلًا، وعليه القُصَّاص، وقال الزُّهريُّ: أسلم بعد أربعين أو نيِّف وأربعين مِن رجالٍ ونساءٍ.
          لقبُهُ: الفاروق، واختُلف هل لقَّبَهُ بذلك رسولُ الله صلعم أو أهلُ الكتاب أو جبريلُ، والأوَّل: قالته عائِشَةُ ♦، والثاني: الزُّهريُّ، والثالث: حكاه البَغَوِيُّ، وإنَّما تَسمَّى بذلك في السماء، واسمُه في «الإنجيل»: كافي، وفي «التوراة»: منطق الحقِّ، وفي الجَنَّة: سِرَاجٌ، وكان إسلامُه عزًّا ظهر به الإسلام بدعوته ◙، ففي «صحيح الحاكم» مِن حديث مُجَالدٍ عن الشَّعْبيِّ عن عبد الله أنَّه ◙ قال: ((اللهُمَّ أعزَّ الإسلامَ بأَحبِّ الرجلَينِ إليكَ؛ أبي جهلِ بنِ هِشَامٍ أو بِعُمَرَ بنِ الخطَّاب))، ثمَّ قال: تفرَّدَ به مُجَالِدُ عن عامرٍ، ثمَّ روى مِن حديث عائِشَةَ مرفوعًا: ((اللهُمَّ أعزَّ الإسلام بِعُمَرَ بنِ الخطَّابِ)) يعني: خاصَّةً، ثمَّ قال: صحيحٌ على شرط الشيخين، ومدار هذا الحديث على حديث الشَّعْبيِّ عن مَسْرُوقٍ، وسيأتي في باب إسلامه [خ¦3863] عن عبد الله بن مسعودٍ ☺: ما زلنا أَعِزَّةً منذُ أسلمَ عمرُ.
          وروى أبو سعيدٍ إسماعيلُ بنُ عليٍّ في «الموافقة» مِن حديث عليٍّ مرفوعًا: ((اللهُمَّ أعزَّ الإسلامَ بِعُمَرَ بن الخطَّابِ))، وروى ابن الجوزيِّ في «مناقبه» عن أبي عُبَيْدَةَ بن عبدِ اللهِ عن أبيه قال: ركَبَ عُمَرُ فرسًا فلمَّا ركضه انكشفَ فَخِذه فرأى أهل نَجْرَانَ على فَخِذه شامةً سوداءَ، فقالوا: هذا الذي نجدُ في كُتبنا أنَّه يُخرِجُنا مِن أرضنا، وله أوَّلياتٌ وخصائصُ ذَكَرْتُها في «رجال العُمدة» فراجعها منه، قُتِل في سنة ثلاثٍ وعشرين على الصحيح مِن الهجرة في ذي الحَجَّة ابن ثلاثٍ وستِّين على الصحيح.