التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب مناقب أبي عبيدة بن الجراح

          ░21▒ (بَابُ مَنَاقِبِ أبي عُبَيْدَةَ بْنِ الجَرَّاحِ ☺)
          3744- ذكر فيه حديثَ أَنَسٍ ☺ أَنَّه ◙ قَالَ: (إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا، وَإِنَّ أَمِينَنَا أَيَّتُهَا الأُمَّةُ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ / الجَرَّاحِ).
          3745- وحديث صِلَةَ عن حُذَيفَةَ ☺ أنَّهُ ◙ قال لأهل نَجْرَانَ: (لَأَبْعَثَنَّ عَلَيْكُمْ حَقَّ أَمِينٍ. فَأَشْرَفَ أَصْحَابُهُ، فَبَعَثَ أَبَا عُبَيدَةَ ☺).
          الشرح: حديث أنسٍ ☺ يأتي في المغازي [خ¦4382]، وخبرِ الواحد [خ¦7255]، وأخرجه مسلمٌ والنَّسائيُّ، واسم أبي عُبَيْدَةَ عامرُ بن عبدِ اللهِ بن الجرَّاحِ بن هلالِ بن أُهَيْبِ بن ضَبَّةَ بن الحارثِ بن فِهْرٍ، أحدُ العشرة، مات بالشام سنةَ ثماني عشرة بالطاعون عام عَمْوَاسَ، قاله الدَّاوديُّ، وكان مِن زُهَّاد الصَّحابة لا يأخذُ إلَّا أدنى ما يقوِّمُ نفسَه، ولَمَّا خرج عمر إلى الشام لقيَه أمراءُ الأجناد فكلَّما قَرُبَ منه أميرٌ صرفَه قبل وصوله إليه، فلمَّا أتاه أبو عُبَيدةَ نزلا فسلَّمَ بعضُهما على بعض، ثمَّ ركبا وتسايرا، فلمَّا قَرُبا مِن الموضع أرادَ أبو عُبَيدةَ أن ينزل عمر في غير موضعه، فقال: مِلْ بنا إلى منزلك، فأتاه فإذا بيتٌ ليس فيه إلَّا وِسادٌ مِن أَدَمٍ حَشوُها لِيْفٌ، وجَوْنةٌ فيها كُسَيرات شعيرٍ، فطرحَ الوِسَادَ وقرَّب الجَوْنةَ؛ فقال عُمَرُ: كلُّ النَّاس غيَّرتهم الدُّنيا غيرَك يا أبا عُبَيدَةَ، عمر وآل عمر في طاعة أبي عُبَيْدَةَ، ودفعَ إليه عمر مائتي دينار فتصدَّقَ، ودفع إلى مُعاذٍ مثلَها فتصدَّقَ به، وقالت لأبي عُبَيْدَةَ امرأتُهُ: أين الذي نلتَ؟ فقال لها: عليَّ ضابِطٌ، أي حافظ، فذهبَتْ إلى عُمَرَ وقالت له: أجعلتَ على أبي عُبَيْدَةَ ضابطًا، فقال: لم أجعله، ولكن الحافظَ عليه مِن الله، وقال أبو بكرٍ في سَقِيفة بني سَاعِدَةَ: قد رضيتُ لكم أحدَ هذين، يعني أبا عُبَيْدَةَ وعُمَرَ.
          فائدة: وفدُ نَجْرَانَ كان سنةَ تسعٍ كما ذكره ابن سعدٍ، وكانوا أربعة عشر رجلًا مِن أشرافهم، وكانوا نصارى، فيهم: العاقِبُ وهو عبد المسيح، وأبو الحارثِ بن عَلْقَمةَ، وأخوه كُوز والسيِّدُ، وأوسُ وزيدُ بن قيسٍ وشُبَيهْ، وخُوَيلدُ وخالدٌ وعمرٌو وعبدُ الله فلم يُسلِموا إذ ذاك، ثمَّ لم يلبث السيِّدُ والعاقِبُ إلَّا يسيرًا حتَّى رجعا إلى رسول الله صلعم فأسلما فذكره، وستأتي له ترجمةٌ في آخر المغازي.
          فائدة: لم يذكر البخاريُّ مناقبَ عبدِ الرَّحمن بن عوفِ بن عبدِ عوفٍ الزُّهريِّ تمام العشرة، وكأنَّهُ لم يرَ شيئًا على شرطه، وذكرَ إسلامَ سعيدِ بن زيدٍ فيما سيأتي، وجدُّه عَمْرُو بن نُفيلِ بن عبدِ العُزى بن رِياحٍ القُرَشيُّ العَدَوِيُّ أبو الأعور، أحدُ العشرة مِن السابقين الأوَّلين، تزوَّجَ أخت عُمَرَ، مات بالمدينة بعد الخمسين.
          أخرى: صِلَةُ بن زُفُرُ الرَّاوي عن حُذَيفَةَ عَبْسِيٌّ كُوفيٌّ، أبو بكرٍ وأبو العلاء، مات زمن مُصْعَبِ بن الزُّبَيْر، قاله الواقدِيُّ، وقال خليفةُ: سنة اثنتين وسبعين، قال ابنُ أبي خَيْثَمَة: كان قلبُه مِن ذهبٍ، يعني: منوِّرًا.