التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب مناقب جعفر بن أبي طالب

          ░10▒ (بَابُ مَنَاقِبِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ☺)
          هو أبو عبدِ اللهِ الهاشميُّ الطَّيَّارُ، أحدُ السابقين الأوَّلين، والشُّهداءِ المبرَّزِين، أسلم قديمًا، وهاجر الهجرتين، مات بمؤتةٍ في جمادى سنة ثمانٍ، ابن إحدى وأربعين أو ثلاثٍ وثلاثين.
          قال البخاريُّ: (قَالَ النَّبيُّ صلعم: أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي) هذا قِطعةٌ مِن حديث البراء السالف [خ¦2699] الذي قال فيه لعليٍّ: ((أَنتَ مِنِّي وأَنَا مِنْكَ)).
          3708- ثمَّ ساق حديثَ أَبِي هُرَيْرَةَ ☺: (كُنْتُ أَلْزَمُ رَسُولَ اللهِ صلعم لِشِبَعِ بَطْنِي، كَانَ خَيْرَ النَّاسِ لِلْمِسْاكِينِ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، كَانَ يَنْقَلِبُ بِنَا فَيُطْعِمَنْا مَا كَانَ فِي بَيْتِهِ، حَتَّى إِنْ كَانَ لَيُخْرِجُ إِلَيْنَا العُكَّةَ لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ، فَنَشُقُّهَا فَنَلْعَقُ مَا فِيهَا).
          ذكر أبو هُرَيرةَ بعضَ أمرِه وسكتَ عن لزومه إيَّاه لِمَا يعيش فيه، ويُقَال: سكتَ عن ذكر الاقتباس لأنَّه عملٌ صالحٌ خشِيَ أن يدخله رِيَاءٌ.
          وقوله: (حِيْنَ لَا آكُلُ الخَمِيرَ وَلَا أَلْبَسُ الحَبِيرَ) الخَمِيرُ: ما يجعل الخَمِير في عجينته مِن الخبز الأُدْم، والحَبِيرُ _بالحاء المهملة_ الثِّياب المُحبَّرة، كالبُرُود اليَمَانيَّةِ ونحوها، قاله الخطَّابيُّ، وقال الهَرَوِيُّ: الحَبِيرُ: ثيابٌ تُصنع باليمن، قال: وهي تُستحبُّ في الكفن، وقال ابن فارسٍ: الثَّوبُ الحَبِيرُ الجديدُ.
          وقوله: (كُنْتُ أُلْصِقُ بَطْنِي بِالْحَصْبَاءِ مِنَ الجُوعِ) هو كقوله: كنت أَخِرُّ ما بين البيت والمنبر، حتَّى يظنَّ مَن رآني أنِّي مجنونٌ وما بي جنونٌ، ما بي إلَّا الجوع.
          3709- ثمَّ ذكر حديث الشَّعْبيِّ: (أَنَّ ابْنَ عُمَرَ ☻ كَانَ إِذَا سَلَّمَ عَلَى ابْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ ذِي الجَنَاحَيْنِ).
          سببُه أنَّهُ قُطعت يداه / في القتال فجعلهما اللهُ له جناحين في الجَنَّة في البَرْزخ، وقول أَبِي هُرَيْرَةَ ☺ في الحديث قبلَه: إنَّهُ كان خيرَ النَّاس للمساكين، أي لسخائِهِ، ومَن أشبه الشارعَ خَلقًا وَخُلُقًا، كيف لا يكون ذلك مِن شيمتِه، وكان ابنُه أيضًا جوادًا حتى قال له الحسنُ والحسين: إنَّكَ مِتلافٌ، فقال: عَوَّدَنِي ربِّي أن يُفضِلَ عليَّ ما أُفضل عن النَّاس.