التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب هبة الواحد للجماعة

          ░22▒ (بَابُ هِبَةِ الوَاحِدِ لِلْجَمَاعَةِ)
          وَقَالَتْ أَسْمَاءُ لِلْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَابْنِ أَبِي عَتِيقٍ: وَرِثْتُ عَنْ أُخْتِي عَائِشَةَ بِالْغَابَةِ، وَقَدْ أَعْطَانِي بِهِ مُعَاوِيَةُ مِئَةَ أَلْفٍ فَهُوَ لَكُمَا.
          2602- ثُمَّ ساق حديثَ سهل بن سعدٍ: (أنَّه ◙ أُتِيَ بِشَرَابٍ فَشَرِبَ وَعَنْ يَمِينِهِ غُلاَمٌ وَعَنْ يَسَارِهِ الأَشْيَاخُ...) الحديث، وقد سلف [خ¦2451].
          وقولُه: (وَابْنِ أَبِي عَتِيقٍ) كذا هو في الأصول، ونقل ابن التِّينِ عن الشَّيخ أبي الحسن أنَّ في كتابِه إسقاطَ الواو مِنْ (وَابْنِ).
          وأبو عَتيقٍ هو عبد الرَّحمنِ بن أبي عَتيقٍ، واسم أبيْه عبد الله، قال: وأظنُّ الواو سقطَ مِنْ كتابي، وعند أبي ذرٍّ بإثباتِها.
          وقَالَ الدَّاوُدِيُّ: القاسم ابن أخي عائشة وابن أبي عَتيقٍ ابن أختِها فوصلتهما بما أُعطِيَت فيْه مئة ألفٍ، وكانت مِنْ أجودِ النَّاس، كما أنَّ رَسُول الله صلعم أجودُهم، وهي ضِلْعٌ منْه.
          وظاهر إيرادِه أنَّ المتصدِّقة عائشةُ، وهو خالف ما في البخاريِّ أنَّها أسماءُ.
          وقولُه: (عَنْ يَمِينِهِ غُلاَمٌ) في حديث سهلٍ قيل: إنَّهُ ابن عبَّاسٍ، وقيل: الفضلُ كما سلف غيرَ مرَّةٍ، وقَالَ الدَّاوُدِيُّ: هو الفضل، كان عن يسارِه، والَّذي عن يمينِه خالدٌ، قال ابن التِّينِ: وهو وهمٌ، أمَّا خالدٌ فلم يذكر فيْه في الصَّحيح وإنَّما اختُلِف في الغلام فقيل: ابن عبَّاسٍ وهو الأشهر، وقيل: الفضل.
          قال: وحديث خالدٍ وقد سلف [خ¦2352] عن يمينِه أعرابيٌّ وعن يسارِه أبو بكرٍ، فَنَبَّه عمر رسولَ الله صلعم / أنَّ أبا بكرٍ عن يسارِه أراد ألَّا يعطيَ خالدًا قبلَه.
          وقد سلف [خ¦2451] معنى: (فَتَلَّهُ فِي يَدِهِ).
          وغرضُ البخاريِّ في هذا الباب والبابين بعدَه الرَّدُّ عَلَى أبي حنيفة في إبطالِه هبةَ المُشاع فإنَّهُ يقول: إذا وهب رجلٌ دارًا لرجلٍ أو متاعًا وذَلِكَ المتاع ممَّا ينقسم فقبضَاْه جميعًا، فإنَّ ذلك لا يحوزُه إلَّا أن يَقسم كلُّ واحدٍ منْهما حِصَّتَه لأنَّ الهبة مِنْ شرط صِحَّتِها عندَه القبضُ.
          وذهب مالكٌ وأبو يوسف ومحمَّدٌ والشَّافعيُّ إلى أنَّ هبة الواحد للجماعة جائزةٌ قالوا: ولو وهب شِقْصًا مِنْ دارٍ أو عبدٍ جاز وإن لم يكن مقسومًا وبِه قال أحمدُ وإسحاقُ وأبو ثَورٍ.
          وحُجَّة مَنْ أجاز ذلك أنَّهُ ◙ سأل الغلام أن يَهب نصيبَه مِنَ اللَّبن للأشياخ، ومعلومٌ أنَّ نصيبَه منْه مُشاعٌ في اللَّبن غيرُ متميِّزٍ، ولا منفصلٍ في القدح، وهذا خلاف ما ذهب إليْه أبو حنيفة، فلا معنى لقولِه.