التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب: إذا وهب هبة فقبضها الآخر ولم يقل: قبلت

          ░20▒ (بَابُ إِذَا وَهَبَ هِبَةً وَقَبَضَهَا الآخَرُ وَلَمْ يَقُلْ قَبِلْتُ)
          2600- ذكر فيْه حديثَ المجامع في رمضان وفيْه قال: (اذْهَبْ بِهَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ).
          رواْه عن مُحَمَّد بْن مَحْبُوبٍ، وهو محمَّد بن الحسن بن هلال بن أبي زينبَ القُرشيُّ البُنانيُّ أبو جعفرٍ، وقيل: أبو عبد الله المعروف بابن محبوبٍ، ومحبوبٌ لقب لأبيْ الحسن، مات محمَّدٌ سنة ثلاثٍ وعشرين ومئتين، وقيل: سنة اثنتين وعشرين، روى عنه البخاريُّ وأبو داود، وروى النَّسائيُّ عن رجلٍ عنْه.
          ولا شكَّ أنَّ القبض في الهبة هو غاية القَبول، قال ابن بَطَّالٍ: ولا يحتاج القابض أن يقول قبلتُ وهو قد قبضَها، قال: وعلى هذا جماعة العلماء، أَلَا ترى أنَّ الواقع عَلَى أهلِه في رمضانَ قبض مِنَ الشَّارع المِكْتَلَ مِنَ التَّمر ولم يقل قد قبلتُ إذ كان مستغنيًا عنْه بالقبض؟ ومثل هذا المعنى في حديث جابرٍ حين اشترى منْه الشَّارع الجملَ، فلما رجع إليْه الثَّمنُ قال: ((الثَّمَنُ وَالجَمَلُ لَكَ)) ولم يقل لَه جابرٌ: قد قَبلتُهُ يا رَسُول الله.
          فدلَّ ذلك أنَّ الهبة تتمُّ بإعطاء الواهب وقبضِ الموهوب لَه، دون قول باللِّسان: قد قبلتُ.
          وأمَّا إذا قال: قبلتُ ولم يَقبض فتعود المسألة إلى ما سلف مِنِ اختلافِهم في قبض الهبة في الباب قبلَه.
          قلت: مذهبنا أنَّهُ لا بدَّ مِنَ الإيجاب والقَبول لفظًا، كما في البيع وسائر التَّمليكات فلا يقوم الأخذ والإعطاء مَقامَهما كما في البيع، قال الإمام: ولا شكَّ أنَّ مَنْ يصير إلى انعقاد البيع بالمعاطاة يجزئه في الهبة، واختار ابن الصَّبَّاغ مِنْ أصحابنا أنَّ الهبة المطلقة لا تتوقَّف عَلَى إيجابٍ وقَبولٍ.