التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب ما لا يرد من الهدية

          ░9▒ (بَابُ مَا لَا يُرَدُّ مِنَ الهَدِيَّةِ)
          2582- ذكر فيْه حديث ثُمَامَةَ بْن عَبْدِ اللهِ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَيْهِ فَنَاوَلَنِي طِيبًا، قَالَ: كَانَ أَنَسٌ لَا يَرُدُّ الطِّيبَ. قَالَ: وَزَعَمَ أَنَسٌ (أَنَّ النَّبيَّ صلعم كَانَ لَا يَرُدُّ الطِّيبَ).
          ويأتي في اللِّباس أيضًا، وأخرجَه التِّرمِذيُّ في «الاستئذان» وصحَّحَه أبو داود والنَّسائيُّ في الوليمة والزِّينة.
          الشَّرح: الضَّمير في قولِه (دَخَلْتُ عَلَيْهِ) عَلَى أنسٍ، لأنَّهُ جدُّهُ والرَّاوي عنْه، وإنَّما كان لا يردُّ الطِّيب لمناجاتِه الملَكَ، كما كان لا يأكل الثَّوم وما شاكلَه، وكان ممَّا حُبِّبَ إليْه مِنَ الدُّنيا حيث قال: ((حُبِّب إليَّ مِنْ دُنْيَاكُم الطِّيبُ والنِّسَاءُ، وجُعِلتْ قُرَّةُ عَيْنِي في الصَّلَاةِ)).
          فكان أنسٌ يتَّبع آثارَه اقتداءً بِه، وكذا ابنُ عمر في خضابِه وإهلالِه، ومسِّه الأركانَ اليمانيَة، والتَّحرِّي في منازلِه، وكان أشبهَ النَّاس برسول الله صلعم، وأشبهُ ولدِه بِه سالمٌ، وكذا كان ابن مَسعودٍ يتحرَّى الاقتداءَ بأفعالِه، وكان علقمةُ أشبهَ النَّاس بِه / وكان إبراهيم النَّخَعِيُّ أشبهَ النَّاس بعلقمة. وقَالَ ◙ في جعفرٍ: ((أَشْبَهتَ خَلْقِي وخُلُقِي)).
          وفي الحديث دِلالةٌ أنَّ مِنَ الهدايا ما يُرَدُّ لعلَّةٍ إذا كان لذلك وجهٌ، وأنَّ الطِّيب لا وجه لردِّه لأنَّهُ مِنَ المباحات المستحسنات.
          فائدةٌ:
          في التِّرمِذيِّ _وقال غريبٌ_ مِنْ حديث ابن عمر مرفوعًا: ((ثَلاَثٌ لَا تُرَدُّ: الوَسَائِدُ، وَالدُّهْنُ، وَاللَّبَنُ)).