الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب من جعل لأهل العلم أيامًا

          ░12▒ (باب: مَنْ جَعَلَ): أي: صير، كما في ((الصحاح)) (لأَهْلِ الْعِلْمِ أَيَّاماً مَعْلُومَةً): بالجمع في (أياماً) والإفراد في (معلومة) لكريمة، وبالجمع في الثاني أيضاً للكشميهني، ورواه غيرهما: <يوماً معلوماً> بالإفراد فيهما، وهو أنسب بحديث الباب من أن ابن مسعود ☺ كان يذكر الناس في كل خميس، وإما الأولان فبالقياس على اليوم، فإن المراد على وجود التفريق في الموعظة مخافة السآمة والملل، بدليل الحديث المار والآتي عن ابن مسعود: من أن النبي صلعم: كان يتخولهم بالموعظة كراهية السآمة. ورواية كريمة وإن كانت جائزة عربية، لكن رواية الكشميهني أفصح منها، كما أشار إلى ذلك من قال:
وجمع كثرة لما لا يعقل                     الأفصح الإفراد فيه يا فل
وفي سوى ذا الأفصح المطابقة                     نحو هبات وافرات لائقة
          والمراد بأهل العلم: الطالبون له وإن لم يكونوا علماء، ولعل فيه إشارة إلى استحقاقهم لذلك كما رمز إلى ذلك الشافعي بقوله:
فمن منح الجهال علماً أضاعه                     ومن منح المستوجبين فقد ظلم /
          ومعنى (جعل): عين، تنصب مفعولاً واحداً وهو (أياماً) و(من) موصولة أو موصوفة بالجملة بعده مضاف إليها (باب) الواقع خبر المحذوف يقدر بنحو هذا.