الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب من قعد حيث ينتهي به المجلس

          ░8▒ (باب: مَنْ قَعَدَ حَيْثُ يَنْتَهِي بِهِ الْمَجْلِسُ، وَمَنْ رَأَى فُرْجَةً): و(من) عطف على (من) الموصولة أو الموصوفة على حذف مضاف؛ أي: باب حكم من قعد...إلخ، و(فُرجة): بضم الفاء، بمعنى المفروجة كقبضة، بمعنى: مقبوضة، قال في ((المصباح)): فرجت بين الشيئين فرجا من باب ضرب فتحت، وفرج القوم للرجل فرجاً أيضاً، أو سعوا في الموقف والمجلس وذلك الموضع فرجة والجمع فرج، مثل غرفة وغرفاً، وكل منفرج بين الشيئين فهو فرجة والفرجة أيضاً في الحائط ونحوه الخلل والفَرجة _بالفتح_ مصدر يكون في المعاني وهو الخلو ص من شدة، انتهى.
          وأما بفتحها: فهو مصدر بمعنى النقص من الأمر. وقال النووي: الفُرجة _بضم الفاء وفتحها_ لغتان بمعنى الخلل بين الشيئين، وذكر بعضهم فيها الكسر أيضاً.
          (فِي الْحَلْقَةِ): صفة (فرجة)، ويحتمل تعلقه بـ(رأى) وهي بسكون اللام لا بفتحها على المشهور. قال العسكري: هي كل مستدير خالي الوسط كحلقة الدرع وحلقة الباب والقوم، والجمع: حَلَق _بفتحتين_. وقال الأصمعي: الجمع: حِلق _بكسر الحاء_ كقصعة وقصع.
          قال ابن السكيت: سمعت أبا عمرو الشيباني يقول: ليس في كلام العرب.
          (فَجَلَسَ فِيهَا): أي: في الفرجة، وفي رواية: <إليها>، وقال ثانياً: في الحلقة دون في المجلس ليطابق الحديث، وقال في الأول: المجلس لأن الحكم هنا فيهما واحد.
          قال في ((الفتح)): مناسبة هذا الباب لكتاب العلم من جهة أن المراد بالحلقة حلقة العلم، فيدخل في آداب الطالب من هذا الوجه.
          واعترضه العيني: بأنه مع أخذه من كلام الكرماني ليس فيه بيان وجه المناسبة بين البابين وليس القوة إلا في بيان ذلك وسيأتي.
          وقال الشيخ قطب الدين: حقه أن يذكره عقب باب: من رفع صوته بالعلم، أو عقب باب: طرح المسألة؛ لأن كليهما من آداب العالم، وهذا الباب من آداب المتعلم.
          واعترضه العيني: بأن الأنسب ما ذكرناه، وهو أن الباب السابق في باب: مناولة العلم في مجلسه، وهذا الباب في بيان أدب من يحضر هذا المجلس.