الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب فضل العلم

          ░1▒ (باب: فَضْلِ الْعِلْمِ): أي: شرفه وزيادته على غيره.
          قال ابن العربي: بدأ المصنف بالنظر في فضل العلم قبل النظر في حقيقته لاعتقاده أنه في نهاية الوضوح فلا يحتاج إلى تعريف، أو لأن النظر في حقائق الأشياء ليس من فن الكتاب؛ أي: لأن البخاري لم يضع كتابه لحدود الحقائق وتصويرها، بل هو جاء على أساليب العرب القديمة فإنهم يبدؤون بفضيلة المطلوب للتشويق إليه إذا كانت حقيقته مكشوفة معلومة، ومن ثم عاب هو في (شرح الترمذي) على من تصدى لتعريف العلم، وقال: هو أبين من أن يبين.
          واعلم أن المصنف لم يذكر في باب فضل العلم شيئاً من الأحاديث إما لأنه اكتفى بالآيتين لأن القرآن من أقوى الحجج القاطعة، فالاستدلال به أولى من غيره، وإما لأنه بيض له ليلحق فيه ما يناسبه فلم يتيسر له ويكون ذكر حديث ابن عمر الآتي بعد باب رفع العلم من تصرف الرواة، وفيه نظر ستأتي الإشارة إليه.
          ونقل الكرماني عن بعض الشاميين أن البخاري: بوب الأبواب وكتب الأحاديث، وربما بيض لبعضها ليلحقه.
          وعن بعض أهل العراق أنه تعمد بعد الترجمة عدم إيراد الحديث إشارة إلى أنه لم يثبت فيه شيء على شرطه، انتهى.
          قال في ((الفتح)): والذي يظهر لي أن هذا محله حيث لم يورد فيه آية ولا أثراً، وإلا فهو إشارة منه إلى ما ورد في تفسير تلك الآية، وأنه لم يثبت فيه شيء على شرطه، وما دلت عليه الآية كاف في الباب، وإلى أن الأثر الوارد في ذلك يقوي طريق المرفوع وإن لم يصل في القوة إلى شرطه والأحاديث في فضل العلم كثيرة صحح مسلم منها: حديث أبي هريرة رفعه: (من التمس طريق يلتمس فيه علماً سهلالله له طريق إلى الجنة) ولم يخرجه البخاري؛ لأنه اختلف فيه على الأعمش، والراجح أن بينه وبين أبي صالح فيه واسطة.
          واعترض العيني على ما نقله الكرماني فقال: هذا كلام غير سديد لا طائل تحته، والأحاديث والآثار الصحيحة كثيرة في هذا الباب، ولم يكن البخاري عاجزاً عن إيراد حديث صحيح على شرطه، أو أثر صحيح عن الصحابة أو التابعين مع كثرة نقله واتساع روايته ولئن سلمنا أنه لم يثبت عنده ما يناسب هذا الباب فكان ينبغي أن لا يذكره فإن قلت: ذكره للإعلام بأنه لم يثبت فيه شيء عنده كما قاله بعض أهل العراق.
          قلت: ترك الباب في مثله يدل على الإعلام بذلك فلا فائدة في ذكره حينئذٍ.
          ثم قال الكرماني: فإن قلت فما تقول فيما يترجم بعد هذا بباب فضل العلم وينقل فيه حديث يدل على فضل العلم.
          قلت: المقصود بذلك الفضل غير هذا الفضل إذ ذاك / المعنى الفضيلة؛ أي: الزيادة في العلم، وهذا بمعنى كثرة الثواب عليه قلت: هذا فرق عجيب؛ لأن الزيادة في العلم تستلزم كثرة الثواب عليه فلا فرق بينهما في الحقيقة والتحقيق أن لفظ: باب فضل العلم، لا يخلو إما أن يكون مذكوراً هاهنا، وبعد باب: رفع العلم وظهور الجهل، على ما عليه بعض النسخ، أو يكون مذكوراً هناك فقط، فإن كان الأول: فهو تكرار في الترجمة بحسب الظاهر، وإن كان الثاني: فلا يحتاج إلى الاعتذارات المذكورة مع أن الأصح من النسخ هو الثاني، وإنما المذكور هنا كتاب العلم وقول الله تعالى: {يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا} [المجادلة:11] الآية. ولئن صح وجود فضل العلم في الموضعين، فنقول: ليس بتكرار؛ لأن المراد من باب: فضل العلم، هنا التنبيه على فضيلة العلماء بدليل الآيتين المذكورتين، فإنما في فضيلة العلماء، والمراد من باب فضل العلم هناك التنبيه على فضيلة العلم فلا تكرار حينئذٍ فإن قلت: كان ينبغي أن يقول: باب فضل العلماء.
          قلت: بيان فضل العلم يستلزم بيان فضل العلماء لأن العلم صفة قائمة بالعالم فذكر بيان فضل الصفة يستلزم بيان فضل من هي قائمة به على أنا نقول: إن لم يكن المراد من هذا الباب بيان فضل العلماء لا يطابق ذكر الآيتين المذكورتين في الترجمة.
          أقول: الآيتان كما يدلان على فضل العلماء يدلان على فضل العلم قطعاً فالمطابقة بهما حاصلة وقوله أولاً قلت: بيان فضل العلم يستلزم بيان فضل العلماء...إلخ اعتراف منه بدلالتهما على ذلك وتعجبه من فرق الكرماني يعارض هو بمثله في فرقه فإن كان استلزام أحدهما للآخر فيه يقتضي عدم الفرق بينهما في التحقيق فكذلك في فرقه بلا فرق إذ استلزام أحدهما الآخر موجود في كل منهما وقوله: أولاً فلا فائدة في ذكره حينئذٍ، فجوابه: أن عدم التعريف لشيء لا يقتضي عدمه، وقوله: ولم يكن البخاري...إلى آخره، إنما يفيد لو أثبت حديثاً على شرطه، فتأمل.
          (وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى): ولأبي ذر: <╡>، بالجر عطفاً على المضاف إليه (باب) على إثباته، وعلى (العلم) أولاً على إسقاط: باب فضل العلم.
          وقال في ((الفتح)): ضبطناه بالرفع في الأصول عطفاً على الكتاب أو على الاستئناف.
          واعترضه العيني: بأنه إن أراد الاستئناف البياني فلا يصح لأنه ليس في الكلام ما يقتضيه وإن أراد ابتداء الكلام فلا يصح أيضاً؛ لأنه لا يتأتى أن يكون كلاماً على تقدير الرفع، لأنه إما بالفاعلية أو الابتدائية ولا مجال لواحد منهما، ولا وجه للابتدائية بجعل الخبر محذوفاً، لأن حذف الخبر لا يخلو إما أن يكون جوازاً أو وجوباً ولم يوجد هنا شرط واحد منهما فتعين بطلان دعوى الرفع.
          وأقول: بقي أنه يجوز أن يجعل خبراً لمحذوف مقدراً بعد الواو والجملة معطوفة على الجملة السابقة وهي مستأنفة، فالمعطوف كذلك على أنه لا مانع من تقدير الخبر بنحو دال لما ذكرنا ولا نسلم انحصار القرينة فيما ذكره لجواز أن تكون حالية، فتأمل.
          والآية الأولى في سورة المجادلة وهي: ({يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة:11]) <يرفع> مجزوم في التلاوة؛ لأنه جواب <فانشزوا>؛ أي: فانهضوا لما أمرتم به وحرك بالكسر لالتقاء الساكنين وما في ((فرع اليونينية)) من ضبط يرفع بالرفع، فقد أصلحه في (اليونينية) بكشط الرفع وإثبات الكسر وإن أمكن توجيهه باحتمال أن تكون قراءة شاذة، فتأمل.
          تنبيه: قال الكرماني: درجات مفعول ليرفع، انتهى.
          وأقول: إذا أراد أنه مفعول به ليرفع كما هو المتبادر فيرد عليه أنه لا يتعدى لاثنين ولذا أعرب أبو البقاء درجات في قوله تعالى: {وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ} [البقرة:253] في البقرة بأنه حال على تقدير: ذا درجات أو بأنه مصدر في موضع الحال أو بأنه مصدر، قال: لأن الدرجة بمعنى الرفعة، فكأنه قال: ورفعنا بعضهم رفعات، أو بأنه على نزع الخافض؛ أي: على أو في قال: فلما حذف حرف الجر وصل الفعل بنفسه، انتهى.
          وبقي عليه أنه يجوز نصبها على التمييز المحول عن المفعول ويرد على قوله بنزع الخافض أنه لا ينقاس في مثل هذا فلا ينبغي تخريج التنزيل عليه مع إمكان غيره، فتأمل.
          ولعل الكرماني أراد بالمفعول المفعول المطلق؛ لأنه المفعول حقيقة من بين سائر المفاعيل، أو ثبت عند الكرماني أن رفع يتعدى لاثنين فليراجع فإني لم أر من ذكر أنه يتعدى لاثنين ثم رأيت في إعراب السمين، فإنه ذكر فيه ستة أوجه، منها الأربعة التي ذكرها أبو البقاء، / وزاد: كونه بدل اشتمال من بعضهم وكونه مفعولاً ثانياً لرفع لتضمينه معنى بلَّغ أو أعطى أو منح، فاعرفه وبما زدناه تكون الأوجه سبعة والمعنى: يرفع الله الذين آمنوا وأوتوا العلم على الذين آمنوا ولم يؤتوه درجات، في دنياهم تدل على الفضل وذلك بعلو المنزلة وحسن الصيت وفي الآخرة إذا فعلوا ما أمروا به وهي كثرة الثواب الذي منه علو المنزلة في الجنة، فقد جاء في كثير من الآثار أن درجات العلماء تتلو درجات الأنبياء ودرجات أصحابهم، قال ابن عباس ☻: (درجات العلماء فوق المؤمنين بسبعمائة درجة ما بين الدرجتين مسيرة خمسمائة عام) فمفاد الآية على هذا شيءٌ واحد.
          وقال البيضاوي: {يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ} [المجادلة:12] بالنصر وحسن الذكر في الدنيا وإيوائهم غرف الجنان في الآخرة {وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة:12]؛ أي: ويرفع العلماء منهم خاصة درجات بما جمعوا من العلم والعمل، فإن العلم مع علو درجته يقتضي العمل المقرون به مزيد رفعة، ولذلك يقتدي بالعالم في أفعاله ولا يقتدي بغيره، وفي الحديث: (فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب)، انتهى.
          وعليه فمفاد الآية شيئان، فافهم.
          روى ابن وهب عن مالك، قال: سمعت زيد بن أسلم يقول في قوله تعالى: {نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاء} [الأنعام:83] قال: بالعلم.
          وفي ((صحيح مسلم)): عن عمر ☺ أنه قال: أما إن نبيكم قد قال: (إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين).
          وقول: ({وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}) تهديد لمن لم يمتثل الأمر أو استكرهه، والآية الثانية في سورة طه ذكره بقول: (وَقَوْلِهِ ╡: {رَبِّ}) وللأصيلي: <{قُل رَّبِّ}> ({زِدْنِي عِلْماً}).
          قال البيضاوي: أي: سل الله تعالى زيادة العلم بدل الاستعجال فإن ما أوحي إليك تناله لا محالة.
          وقال البغوي: {رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا}: أي: بالقرآن ومعانيه، وقيل: علماً إلى ما علمت وكان ابن مسعود ☺ إذا قرأ هذه الآية قال: اللهم زدني إيمانًا ويقيناً.
          تنبيه: اكتفى المؤلف في بيان فضل العلم بهاتين الآيتين؛ لما تقدم وقد ورد في فضله آيات كثيرة وأحاديث شهيرة وتقدَّم شيء من ذلك.
          وقد استوفى كثيراً منها الإمام حجة الإسلام الغزالي في (إحياء علوم الدين) فمن الآيات: قوله تعالى في آل عمران: {شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ} [آل عمران:18].
          ومن الأحاديث: ما ثبت من قوله صلعم: (العلماء ورثة الأنبياء) ومعلوم أنه لا رتبة فوق رتبة النبوة فلا شرف فوق شرف الوراثة لتلك الرتبة، وهي العلم إذ الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً.
          ومنها ما ذكره البغوي بسنده إلى كثير بن قيس: أنه قال: كنت مع أبي الدرداء في مسجد دمشق، فجاء رجل فقال: يا أبا الدرداء إني جئتك من مدينة الرسول صلعم في حديث بلغني أنك تحدث به عن رسول الله صلعم قال: ما كانت لك حاجة غيره؟ قال: لا، قال: ولا جئت لتجارة؟ قال: لا، قال: ولا جئت إلا فيه؟ قال: فإني سمعت رسول الله صلعم يقول: (من سلك طريق علم سهل الله له طريقاً من طرق الجنة وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضى لطالب العلم، وإن السموات والأرضين والحوت في الماء لتدعو له وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب ليلة البدر العلماء هم ورثة الأنبياء، لم يورثوا ديناراً ولا درهماً وإنما ورثوا العلم فمن أخذ به فقد أخذ بحظ وافر)، وسيأتي لهذا الحديث بسط عند ذكر المصنف له في باب العلم قبل القول والعمل.
          ومنها: ما ذكره البغوي أيضاً بسنده إلى ابن عمرو: أن رسول الله صلعم مر بمجلسين في مسجده، أحد المجلسين يدعون الله ويرغبون إليه، والآخر يتعلمون الفقه ويعلمونه فقال: (كلا المجلسين على خير وأحدهما أفضل من صاحبه، أما هؤلاء فيدعون الله ويرغبون إليه، وأما هؤلاء فيتعلمون الفقه ويعلمونه الجاهل فهؤلاء أفضل، وإنما بعثت معلماً ثم جلس فيهم)، انتهى.
          ومنها: ما أجازنا به شيخنا المرحوم الملا إلياس الكردي مما هو في ((مسند أبي حنيفة)): عن عبد الله بن مسعود ☺ أنه قال: قال رسول الله صلعم: (يجمع الله تعالى العلماء يوم القيامة فيقول: إني لم أجعل حكمتي في قلوبكم إلا وأنا أريد بكم الخير اذهبوا إلى الجنة فقد غفرت لكم على ما كان منكم).
          لكن غاية العلم العمل لأن ثمرته ونتيجته وفائدة العمر القصير وزاد الآخرة الكثير، فمن ناله رشد وحصل له السعادة ومن فاته خسر فمن هذا ظهر أن العمل أفضل من العلم به إذ شرفه بشرف معلومه، والعمل بلا علم لا يسمى عملاً شرعاً، هذا / في الغرض، وإلا فقد صح عن إمامنا الشافعي أنه قال: طلب العلم أفضل من صلاة النافلة، فافهم.
          والعلم ينقسم إلى أقسام بحسب المعلومات ولا هي تستقصي لكنها ترجع إلى قسمين شرعية وغير شرعية، فالشرعية: لا تكون إلى محمودة لأن المراد بها ما يستفاد من الأنبياء ولا يرشد العقل إليه، كالحساب ولا التجربة كالطب، ولا السماع كاللغة.
          وغير الشرعية: تنقسم إلى محمود، ومذموم، ومباح.
          فالمحمود: ما يرتبط به مصالح الدنيا، كالطب والحساب.
          وأما المذموم: فنحو علم السحر والشعبذة.
          وأما المباح: فنحو العلم بالأشعار التي لا سخف فيها.
          وأما الشرعية: فهي على قسمين أيضاً، ظاهر وباطن: فأما الظاهر: فالمراد به العلم الشرعي الذي يلزم المكلف من أمر دينه عبادة ومعاملة، وهو التفسير والحديث والفقه ويلحق بها آلاتها، ومن ثم عد العزيز عبد السلام وغيره تعلم النحو وحفظ غريب القرآن والسنة، وتدوين أصول الفقه وغير ذلك من البدع الواجبة.
          وأما الباطن: فهو نوعان:
          الأول: علم المعاملة وهذه المعاملة غير المعاملة المار ذكرها في العلم الشرعي الظاهر، وهو علم أحوال القلب وهو قسمان:
          أحدهما: محمود كالصبر والشكر والرضا والقناعة وغير ذلك.
          وثانيهما: مذموم كخوف الفقر، وسخط المقدور، والغل وغير ذلك، فالعلم بحدود هذه الأمور وحقائقها وأسبابها وعلاجها هو علم الآخرة وهو فرض عين من فتوى علماء الآخرة، فالمعرض عنه هالك بسطوة مالك الملوك في الآخرة، كما أن المعرض عن الأعمال الظاهرة هالك بسطوة سلاطين الدنيا بحكم فتوى فقهاء الدين، وحقيقته النظر في تصفية القلب وتهذيب النفس باجتناب الأخلاق الذميمة التي ذمها الشارع، وهي القسم الثاني كالرياء والعجب والغش وحب الرئاسة والطمع وغير ذلك، فيتخلى منها ليتصف بالأخلاق الحميدة ويتحلى بها، وهي القسم الأول كالإخلاص والشكر والصبر والزهد والتقوى والقناعة وأشباهها، ليصلح عند إحكامه ذلك وإتقانه، لأن يعمل بعلمه ليرث ما لم يعلم، فعلم بلا عمل وسيلة بلا غاية وعكسه جناية، وإتقانهما بلا ورع كلفة بلا أجرة، وأهم الأمور زهد واستقامة تنشرح بهما الصدور.
          النوع الثاني: علم المكاشفة: وهو نور إلهي يظهر في القلب عند تزكيته فتظهر به المعاني المجملة فتحصل به المعرفة بالله وما يجب له ولكتبه ورسله، وتنكشف له الأستار عن مخبيات الأسرار فسلم تسلم ولا تكن من المنكرين تهلك مع الهالكين، ولذا قال بعض العارفين: من لم يكن له من هذا العلم نصيب أخشى عليه سوء الخاتمة وأدنى النصيب منه التصديق به وتسليمه لأهله.
          وقال بعضهم: من كان فيه خصلتان لم يفتح له شيء من هذا العلم بدعة أو كبر، وهو علم الصدِّيقين والمقربين، وقد أطال الإمام حجة الإسلام الغزالي في تفاصيل هذه العلوم جميعاً في ((إحياء علوم الدين)) فراجعه.