الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب: العجماء جبار

          ░29▒ (باب: الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ)
          قالَ الحافظُ: أفردها بترجمة لِما فيها مِنَ التَّفاريع الزائدة عن البئر والمعدن. انتهى. ومسألة الباب خلافيَّة.
          قالَ العلَّامةُ العينيُّ: واحتجَّ بحديث الباب أبو حنيفة ⌂ على أنَّه لا ضمان فيما أتلفه(1) البهائم مطلقًا سواء فيه الجرح وغيره، وسواء فيه اللَّيل والنَّهار، وسواء كان معها أو لا، إلَّا أن يحملها الَّذِي معها على الإتلاف، أو يقصده، فحينئذٍ يضمن لوجود التَّعدِّي منه، وهو قول داود وأهل الظَّاهر، وقالَ مالكٌ والشَّافعيُّ وأحمد: إن كان معها أحدٌ مِنْ مالك أو مستأجِر أو مستعير وغيرهم وجب عليه ضمانُ ما أتلفه(2) وحملوا الحديث على ما إذا لم يكن معها أحد... إلى آخر ما ذكر.
          قلت: وما حكى العينيُّ في مذهب الحنفيَّة مِنْ قولِه: (سواء كان معها) ولا(3) مخالف لِما في كتبنا، فإنَّهم صرَّحُوا بأنَّ عدم الضَّمان عندنا فيما إذا لم يكن معها سائق ولا قائد، نعم لا فرق عندنا بين اللَّيل والنَّهار، كما قال به الجمهور، ففي «الهداية»: الرَّاكب ضامنٌ لِما أوطأت الدَّابَّة ما أصابت بيدها ورِجلها ورأسها(4) أو كدمت، ولا يضمن ما نفحت برِجلها أو ذنبها، والسَّائق ضامن لِما أصابت بيدها أو رِجلها، والقائد ضامنٌ لما أصابت بيدها دون رِجلها، ثمَّ قالَ: ولو انفلتت الدَّابَّة فأصابت مالًا أو آدميًّا ليلًا أو نهارًا لا ضمان على صاحبها لقوله ╕: ((جَرْحُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ)) قال محمَّد ☼: هي المنفلتة. انتهى.
          وفي «هامش اللَّامع» عن «الشَّرح الكبير» لابن قدامة: يضمن ما أفسدت مِنَ الزَّرع والشَّجر ليلًا، ولا يضمن ما أفسدت مِنْ ذلك نهارًا، إذا لم يكن يدُ أحد عليها، وهذا قول مالكٍ والشَّافعيِّ، وقال اللَّيث: يضمن مالكها ما أفسدته ليلًا ونهارًا بأقلِّ الأمرين: مِنْ قيمتها وقدرِ ما أتلفته، وقال أبو حنيفة: لا ضمان عليه بحال لقوله صلعم: ((الْعَجْمَاءِ جُرْحُهَا جُبَارٌ)). انتهى.
          قلت: وقال الإمام مالك في «الموطَّأ»: قضى رسول الله صلعم أنَّ على أهل الحوائط حِفظَها بالنَّهار، وأنَّ ما أفسدت المواشي باللَّيل ضامن(5) على أهلها. قال صاحب «المحلَّى» نقلًا عن «شرح السُّنَّة»: لأنَّ في العرف أنَّ أصحاب الحوائط يحفظونها باللَّيل(6) وأصحاب المواشي باللَّيل، فمَنْ خالف هذه العادة كان خارجًا عن رسوم الحفظ، وفيه أيضًا: قال أبو حنيفة: لا ضمان فيها إذا لم يكن المالك معها ليلًا ولا نهارًا لحديث: ((الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ)). انتهى.


[1] في (المطبوع): ((أتلفته)).
[2] في (المطبوع): ((أتلفته)).
[3] في (المطبوع): ((سواء كان معها أو لا)).
[4] في (المطبوع): ((أو رجلها أو رأسها)).
[5] في (المطبوع): ((فالضمان)).
[6] في (المطبوع): ((بالنهار)).