الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب: إذا قتل بحجر أو بعصا

          ░5▒ (باب: إذا قتَلَ بِحَجَر أو بِعَصًا)
          قالَ القَسْطَلَّانيُّ: أي: هل يُقتل بما قَتل به أو بالسَّيف؟
          وقالَ الحافظُ: كذا أطلق، ولم يبتَّ الحكم إشارةً إلى الاختلاف في ذلك، ولكنَّ إيراده الحديث يشير إلى ترجيح قول الجمهور، فإنَّ حديث الباب حجَّة للجمهور، وخالف الكوفيُّون فاحتجُّوا بحديث: ((لَا قَوَدَ إِلَّا بِالسَّيْفِ...)) إلى آخر ما ذكر.
          قلت: لا شكَّ في أنَّ الحديث المذكور في هذا الباب حجَّة للجمهور في هذه المسألة، لكنَّ الأوجَهَ عندي: أنَّ المصنِّف لم يذكر هذه المسألة هاهنا، بل الغرض الَّذِي ذكره الشُّرَّاح هاهنا هو عندي غرض التَّرجمة الآتية قريبًا، يعني: مِنْ قولِه: (باب: مَنْ أقاد بحجر) وأمَّا المقصود مِنْ هذه التَّرجمة فهي إشارة(1) إلى مسألة أخرى خلافيَّة، وهي اختلافهم في أنواع القتل، فمذهب الإمام مالك أنَّ القتل نوعان: قتلُ العمد، وقتل الخطأ، وشبهُ العمد ليس بشيء عنده، بل هو داخل في العمد، وقال الجمهور: على ثلاثة أنواع: العمد، وشبه العمد، والخطأ، والمصنِّف مال في هذه المسألة إلى مذهب مالك، ولذا ترجم بقوله: (باب: إذا قتل بحجرٍ أو عصًا(2)).
          قال صاحب «الهداية»: فالعمد: ما تعمَّد ضَرْبَه بسلاح أو ما أُجري مُجرى السِّلاح كالمحدَّد مِنَ الخشب، وشبهُ العمد عند أبي حنيفة: أن يتعمَّد الضَّرب بما ليس بسلاح، ولا ما أُجري مُجرى السِّلاح، وقال أبو يوسف ومحمَّد وهو قول الشَّافعيِّ: إذا ضربه بحجرٍ عظيمٍ أو بخشبةٍ عظيمةٍ فهو عمدٌ، وشبهُ العمد أن يتعمَّد ضربه بما لا يُقتل به غالبًا كالعصا الصَّغيرة. انتهى.


[1] في (المطبوع): ((الإشارة)).
[2] في (المطبوع): ((بعصاً)).