الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب من أقاد بالحجر

          ░7▒ (باب: مَنْ أقاد بحجر)
          أي: حَكَم بالقَوَدِ_بفتحتين_ وهو المماثلة في القصاص، كذا في «الفتح».
          قالَ العينيُّ: أقاد، أي: اقتصَّ، مِنَ القَوَد، وهو القصاص. انتهى.
          والعجب مِنَ الشُّرَّاح أنَّهم لم يتعرَّضوا لغرض التَّرجمة، بل كلُّهم ساكتون، والأوجَهُ عندي كما تقدَّم قبل باب أنَّ غرض المصنِّف مِنْ هذه التَّرجمة هو ما ذكره(1) في التَّرجمة السَّابقة (باب: إذا قتل بحجر) وظاهر ألفاظ التَّرجمتين يؤيِّد ما اخترته إذ بوَّب هاهنا بلفظ (مَنْ أقاد) بخلاف السَّابقة إذ بوَّب بقوله: (مَنْ قَتَلَ).
          والمسألة خلافيَّة، وهي أنَّ مَنْ قتل أحدًا بغير سيف يستوفى القصاص بمثل ما قتل، فإنْ قتله بِعصًا أو بحجرٍ أو بالخنق أو بالتَّغريق قُتل بمثله، وبه قالَ مالكٌ والشَّافعيُّ، وقال أبو حنيفة: ((لَا قَوَدَ إِلَّا بِالسَّيْفِ)) وعن أحمد روايتان كالمذهبين، وقال صاحب «الهداية»: ولا يُسْتَوفَى القصاص إلَّا بالسَّيف، وقالَ الشَّافعيُّ: يُفعل به مثلُ ما فَعل إن كان فعلًا مشروعًا، فإن مات وإلَّا تحزُّ رقبته، لأنَّ مبنى القصاص على المساواة... إلى آخر ما ذكر(2) ومستدلُّ الحنفيَّة قوله ╕: ((لَاْ قَوَدَ إِلَّا بِالسَّيْفِ)) قالَ الزَّيلعيُّ: رُوي ذلك مِنْ حديث أبي بَكرة وابن مسعود وأبي هريرة وعليٍّ ♥ ، ثمَّ بسط الكلام على تخريجها.
          قالَ العلَّامةُ العينيُّ: واحتجُّوا بما رواه الطَّحاويُّ عن النُّعمان بن بشير قال: قال رسول الله صلعم: ((لَاْ قَوَدَ إِلَّا بِالسَّيْفِ)) وأخرجه أبو داود الطَّيالِسيُّ، ولفظه: ((لَاْ قَوَدَ إِلَّا بحديدة)) وأجابوا عن حديث الباب بأنَّه نُسخ بنسخ المُثْلَة، كما فعل رسول الله صلعم بالعُرَنيِّين، ثمَّ أجاب العينيُّ عمَّا أوردوا على هذا الحديث، فارجع إليه لو شئت.
          وفي «الفيض»: واعلم أنَّ القَتْلَ بالمُثَقَّلِ دَاخِلٌ في العَمْدِ عند الجمهور، ولا عَمْدَ عندنا إلَّا القتلُ بالمُحَدَّدِ، فإِذن هو شِبْهُ العَمْدِ، وفيه الدِّية دونَ القِصَاص، فالحديثُ عندنا مَحمُولٌ على السِّياسةِ، على أَنَّ الطَّحاويَّ حَمَلَهُ على قَطْعِ الطَّريق. انتهى.


[1] في (المطبوع): ((ذكروه)).
[2] في (المطبوع): ((ذكره)).