الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب: إذا مات في الزحام أو قتل

          ░16▒ (باب: إذا مَاتَ في الزِّحَامِ أوْ قُتِل)
          ولابن بطَّالٍ زيادة <به> أي: بالزِّحام، قاله القَسْطَلَّانيُّ.
          قالَ الحافظُ: لم يجزم المصنِّف بالحكم كما جزم به في الَّذِي بعده لوجود الاختلاف في هذا الحكم. انتهى.
          قالَ القَسْطَلَّانيُّ: وفي المسألة مذاهب، فقيل: تجب ديته(1) في بيت المال، لأنَّه مات بفعل قوم مِنَ المسلمين، فوجبت ديته(2) في بيت مال المسلمين، وقيل: تجب على جميع مَنْ حضر، لأنَّه مات بفعلهم، فلا يتعدَّاهم إلى غيرهم، وقالَ الشَّافعيُّ: يقال لوليِّه: ادَّع على مَنْ شئتَ واحلِفْ، فإن حلف استحقَّ الدِّية، وإن نكل حلف المدَّعَى عليه على النَّفي، وسقطت المطالبة، وتوجيهه أنَّ الدَّم لا يجب إلَّا بالطَّلب، وقالَ مالكٌ: دمُه هَدَرٌ، لأنَّه إذا لم يعلم قاتله بعينه استحال أن يُؤخَذ به أحد. انتهى.
          قلت: وحديث الباب قد تقدَّم في (باب: العَفْو فِي الخَطَأِ بَعْدَ الموت). انتهى.
          قالَ العينيُّ في شرح قوله: (أبي أبي) أي: قال حذيفة: هذا أبي أبي لا تقتلوه، ولم يسمعوا منه، فقتلوه ظانِّين أنَّه مِنَ المشركين، فدعا لهم حذيفة. قالَ الكَرْمانيُّ: فدعا لهم وتصدَّق بديته على المسلمين، وقالَ الخطَّابيُّ: فيه أنَّ المسلم إذا قَتل صاحبه خطأً عند اشتباك الحرب لازدحامات لا شيء عليه، وكذلك في جميع الازدحامات، إلَّا إذا فعله قاصدًا لهلاكه. انتهى.
          قلت: وكذا الحكم عندنا الحنفيَّة، ففي «الدُّرِّ المختار»: لا قود بقتل مسلم مسلمًا ظنَّه مشركًا بين الصَّفَّين لِما مرَّ أنَّه مِنَ الخطأ، بل القاتل عليه كفَّارة ودية، قالوا: هذا إذا اختلطوا، فإن كان في صفِّ المشركين لا يجب شيء لسقوط عصمته، قال ╕: ((مَنْ كَثَّرَ سَوَادَ قَوْمٍ فهُوَ مِنْهُم)). انتهى.
          وفي «الهداية»: وإذا التقى الصَّفَّان مِنَ المسلمين والمشركين، فقَتل مسلم مسلمًا ظنَّ أنَّه مشرك فلا قَوَدَ عليه، وعليه الكفَّارة لأنَّ هذا أحد نوعي الخطأ على ما بيَّناه، والخطأ بنوعيه لا يوجب القَوَد، ويوجب الكفَّارة، وكذا الدِّية على ما نطق به نصُّ الكتاب، ولمَّا اختلفت سيوف المسلمين على اليمان أبي حذيفة قضى رسول الله صلعم بالدِّية. انتهى. /


[1] في (المطبوع): ((دية)).
[2] في (المطبوع): ((دية)).