الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب النوم على الشق الأيمن

          ░9▒ (باب: النَّوم عَلَى الشِّقِّ الأيمن)
          الفرق بينه وبين ما تقدَّم مِنْ (باب: الضَّجع على الشِّقِّ الأيمن) ما أفاده الحافظ مِنْ أنَّ بين النَّوم والضَّجع عموم وخصوص وجهي.
          وقال أيضًا: وخصَّ الأيمن لفوائد منها أنَّه أسرعُ إلى الانتباه، ومنها أنَّ القلب متعلِّق إلى جهة اليمين فلا يثقل بالنَّوم، ومنها ما قالَ ابنُ الجَوزيِّ: هذه الهيئة نصَّ الأطباء على أنَّها أصلحُ للبَدن، قالوا: يبدأ بالاضطجاع على الجانب الأيمن [ساعة]، ثمَّ ينقلب إلى الأيسر، لأنَّ الأوَّل سبب لانحدار الطَّعام، والنَّوم على اليسار يهضم لاشتمال الكبد على المعدة. انتهى.
          وقال صاحب «الفيض»: والضَّجع على الشِّقِّ الأيمن مِنْ نوم الأنبياء ‰ لأنَّ القلب في الشِّقِّ الأيسر فلا يزال يتعلَّق في تلك الضَّجعة ولا يفارق(1) في النَّوم، وأمَّا الأطبَّاء فاختاروا النَّوم على الشِّقِّ الأيسر فإنَّه أنفعُ للصِّحَّة. ولمَّا كان نظرُ الأنبياء ‰ في عالم الآخرة اختاروا ما كان أنفع فيه، وكان هَمُّ الأطباء في صحَّة البدن فقط. انتهى مختصرًا.
          وقالَ القاريُّ في «المرقاة»: قيل: أنفعُ هيئات النَّوم الابتداءُ بالأيمن، ثمَّ الانقلاب إلى اليسار ثمَّ إلى اليمين، وفيه ندب اليمين في النَّوم لأنَّه أسرعُ إلى الانتباه لعدم استقرار القلب حينئذٍ، لأنَّه معلَّق بالجانب الأيسر فيعلَّق فلا يستغرق في النَّوم، بخلاف النَّوم على الأيسر فإنَّ القلب يستقرُّ، فتكون الاستراحة له بطأ(2) للانتباه. انتهى.
          قلت: هكذا قالوا مِنْ أنَّه ينقلب إلى اليسار بعد الاضطجاع على الأيمن، لكنَّ ظاهر الأحاديث العموم، أي: النَّوم على الشِّقِّ الأيمن مطلقًا، ويؤيِّده أيضًا ما حكى القاريُّ مِنَ المصلحة مِنْ أنَّ القلب حينئذٍ يكون معلَّقًا، فيكون أسرع إلى التَّيقُّظ، فإنَّه لا يحصل في صورة الانقلاب إلى الأيسر، فتأمَّل.


[1] في (المطبوع): ((ولايغرق)).
[2] في (المطبوع): ((بطئاً)).