الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب: إذا وقع الذباب في الإناء

          ░58▒ (باب: إذا وَقَع الذُّبَاب في الإِنَاءِ)
          وإنَّما عقد المصنِّف التَّرجمة بذلك لأنَّ ما هو المذكور في حديث الباب في حقِّ الذُّباب إنَّما هو مِنْ باب الطِّبِّ كما لا يخفى.
          قالَ الحافظُ في ذكر ما يُستفاد مِنَ الحديث: قالَ الطَّبَريُّ: لم يقصد النَّبيُّ صلعم بهذا الحديث بيانَ النَّجاسة والطَّهارة، وإنَّما قصد بيان التَّداوي مِنْ ضَرَر الذُّباب. انتهى.
          وذَكر الحافظُ وغيرُه مِنَ الشُّرَّاح بعضَ الرِّوايات الواردة في الذُّباب وبعض خواصِّه وما يتعلَّق به مِنَ الأحكامِ، قالَ الحافظُ: وقد أخرج أبو يَعلى عن ابن عمر مرفوعًا: ((عُمْرُ الذُّباب أربعون ليلةً، والذُّباب كلُّه في النَّار إلَّا النَّحْلَ)) وسنده لا بأس به، قالَ الحافظُ(1): كونه في النَّار ليس تعذيبًا له بل ليعذَّب أهلُ النَّار به، قالَ الجَوهريُّ: يقال: إنَّه ليس شيء مِنَ الطُّيور يَلَغُ إلَّا الذُّباب، وقال أفلاطون: الذُّباب أحرَصُ الأشياء حَتَّى إنَّه يلقي نفسه في كلِّ شيءٍ ولو كان فيه هلاكُه، ويُحكى أنَّ بعض الخلفاء سأل الشَّافعيَّ: لأيِّ علَّةٍ خُلق الذُّباب؟ فقال: مذلَّةً للملوك، وكانت ألحَّت عليه ذبابة، فقالَ الشَّافعيُّ: سألني ولم يكن عندي جواب فاستنبطته مِنَ الهيئة الحاصلة. انتهى.
          وفي «الفيض»: وقد مرَّ بنا أنَّ الغمس إنَّما هو إذا لم يكن الشَّيءُ حارًا، فإنَّه إذا كان حارًّا شديدًا كالشَّاي فإنَّ الغمس لا يزيده إلَّا شرًّا. انتهى.
          قلت: وهذا رأيه، وإلَّا فالواقع في الحديث هو الأمر المطلق، والله تعالى أعلم.
          ثم براعة الاختتام عند الحافظ في قوله: (ثمَّ ليَطْرَحه) وعندي في قوله: (فليَغْمِسْه) وأيضًا في قوله: (داء).


[1] في (المطبوع): ((الجاحظ)).