التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب من لم يتطوع بعد المكتوبة

          ░30▒ بَابُ مَنْ لَمْ يَتَطَوَّعْ بَعْدَ المَكْتُوبَةِ.
          1174- ذكر فيه حديثَ ابن عبَّاسٍ: (صَلَّيْتُ مَعَ النَّبيِّ صلعم ثَمَانِيًا جَمِيعًا، وَسَبْعًا جَمِيعًا، قُلْتُ: يَا أَبَا الشَّعْثَاءِ، أَظُنُّهُ أَخَّرَ الظُّهْرَ، وَعَجَّلَ العَصْرَ، وَعَجَّلَ العِشَاءَ، وَأَخَّرَ المَغْرِبَ، قَالَ: وَأَنَا أَظُنُّهُ).
          الشرح: هذا الحديث أخرجه مسلمٌ أيضًا. وفي روايةٍ للبخاريِّ: ((قال أيُّوبُ: لعلَّه في ليلةٍ مطيرةٍ، قال: عسى)). قال الدَّاوديُّ: وليس فيه أنَّه لم يصلِّ قبلَ الظهر ولا بعدَ العشاء، ولا أنَّه صلَّى. قال مالكٌ: أرى ذلك بعذر المطر. قلتُ: في مسلمٍ: ((ولا مطر)). وما قاله مالكٌ في المطر مشهورُ مذهبِه في غير المغرب والعشاء خلافُه. وقيل: إنَّه لا يمنعه، وإنَّما كَرِه أن يُقدِّم العصر على وقتها المختار.
          وقال ابن الماجِشُون: لو فَعَلَهُ فاعلٌ لغير حاجةٍ جاز، لأنَّه يُصَلِّي كلَّ صلاة في وقتها. يعني: في الظهر والعصر. أي: والمغرب والعشاء مثلُه، إلَّا أن يريد أنَّ وقت المغرب عند الغروب فيه خلافٌ عندهم. وقال ابن بطَّالٍ: إنَّما ترك التنفُّل فيه لأنَّ السُّنَّة عند جميع الصَّلوات ترك التنفُّل، فأراد صلعم أن يُعلِّم أُمَّتَه أنَّ التَّطوُّع ليس بلازمٍ لا يسع تركه، ولذلك كان ابن عُمَرَ لا يتنفَّل في السَّفر.