التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب الحديث يعني بعد ركعتي الفجر

          ░26▒ بابُ الحَدِيثِ بَعْدَ رَكْعَتَيِ الفَجْرِ.
          1168- ذَكَرَ فيه حديث عائِشَةَ السالف في باب: مَن تحدَّث بعد الركعتين ولم يَضْطَجِعْ. وقد أسلفنا الكلامَ هناك، ومذاهبَ العلماء فيه. وسُفْيان المذكور في إسناده هو ابن عُيَينةَ. وعليُّ بن عبد الله هو ابن المَدِينيِّ.
          ░27▒ بَابُ تَعَاهُدِ رَكْعَتَيِ الفَجْرِ وَمَنْ سَمَّاهُمَا تَطَوُّعًا.
          1169- ذَكَرَ فيه حديث عائِشَةَ: (لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صلعم عَلَى شَيْءٍ مِنَ النَّوَافِلِ أَشَدَّ تَعَاهُدًا مِنه عَلَى رَكْعَتَيِ الفَجْرِ).
          وأخرجه مسلمٌ أيضًا، ورواه حفصُ بن غياثٍ عن ابن جُرَيجٍ عن عطاءٍ عن عبيد بن عُمَيرٍ عن عائِشَةَ: ((ما رأيتُ رسول الله صلعم يُسرع إلى شيءٍ مِن النَّوافل إسراعَه إلى ركعتي الفجر، ولا إلى غنيمةٍ)). ذكره الإسماعيليُّ.
          والعلماء متَّفِقُون على تأكُّد ركعتَي الفجر إلَّا أنَّهم اختلفوا في تسميتها هل هي واجبةٌ أو سنَّةٌ أو مِن الرغائب؟ على أقوال سلفت في باب المداومة عليها، وإلى الوجوب ذهب الحسن البصريُّ كما ذكره ابن أبي شَيْبَةَ عنه، وإلى السنَّة ذهب الشافعيُّ وأحمدُ وأشهبُ وإسحاقُ وأبو ثورٍ، وأَبَى كثيرٌ منهم أن يسمِّيها نافلةً.
          قال مالكٌ في «المختصر»: ليستا بسُنَّةٍ، وقد عمل بهما المسلمون ولا ينبغي تركُهما. وقال ابن عبد الحكم وأَصبَغ: إنَّهما ليستا بسنَّةٍ، وهما مِن الرَّغائب. ومعنى الرَّغائب: ما رُغِّب فيه. واصطلاح المالكيَّةِ فيه أوقفوا هذا اللفظ على ما تأكَّد مِن المندوب إليه وكانت له مَزِيَّةٌ على النوافل المطلقة، واختلفوا في السُّنن، فقال أشهبُ: إنَّها كلُّ ما تقرَّر ولم يكن للمكلَّف الزيادة فيه بحكم التسمية المختصَّةِ به كالوتر. وعند مالكٍ: أنَّها ما تكرَّر فعل الشَّارع له في الجماعات كالعيدين ونحوهما، فإن لم يكن فمِن الرَّغائب.
          حُجَّة مَن أوجبها: قضاء الشَّارع لها في حديث الوادي، ولم يأت عنه أنَّه قضى شيئًا مِن السُّنن بعد خروج وقتها غيرهما، كذا قيل، لكن فاتته سنَّةُ الظهر بعدَها فقضاها بعد العصر، وحُجَّةُ مَن سنَّهما: مواظبة الشَّارع عليها وشدَّة تعاهده لها أنَّ النَّوافل تصير سُننًا بذلك. وحُجَّة مَن لم يسمِّهما سنَّةً: حديث الباب جعلهما مِن جملة النَّوافل، وقد روى ابن القاسم عن مالكٍ أن ابن عُمَرَ كان لا يركعهما في السَّفر.
          فرع: لا بدَّ مِن تعيينها لأنَّ لها وقتًا معينًا كالعيد.