التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب الضجعة على الشق الأيمن بعد ركعتي الفجر

          ░23▒ باب الضِّجْعَة على الشِّقِّ الأيمن بَعْدَ رَكْعَتي الفَجْرِ.
          1160- ذَكَر فيه حديث أبي الأَسْودِ _وهو محمَّد بن عبد الرَّحمن يتيمُ عُرْوة_ عن عُرْوةَ عن عائِشَةَ قالت: (كَانَ النَّبِيُّ صلعم إِذَا صَلَّى رَكْعَتَيِ الفَجْرِ اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ).
          ░24▒ بابُ مَن تَحَدَّثَ بعدَ الرَّكعتينِ ولمْ يَضْطَجِعْ.
          1161- ذَكَر فيه حديث أبي سَلَمةَ عنها: (أَنَّ النَّبِيَّ صلعم كَانَ إِذَا صَلَّى، فَإِنْ كُنْتُ مُسْتَيْقِظَةً حَدَّثَنِي، وَإِلَّا اضْطَجَعَ حَتَّى يُؤْذَنَ بِالصَّلاة).
          الشرح: أمَّا حديثُها الثاني فأخرجه مسلمٌ أيضًا وأبو داودَ والتِّرمذيُّ وصحَّحَهُ ولفظه: ((كان إذا صلَّى ركعتي الفجر، فإن كانت له إليَّ حاجةٌ كَلَّمَني وإلَّا خرجَ إلى الصَّلاة)). ثمَّ قال: وقد كره بعض أهلُ العلم مِن الصَّحابة وغيرِهم الكلامَ بعدَ طلوع الفجر حتى يُصَلِّي صلاة الفجر، إلَّا ما كان مِن ذِكْرِ الله أو ممَّا لا بدَّ منه، وهو قول أحمدَ وإسحاقَ. ولفظ أبي داودَ: ((كان إذا قضى صلاته مِن آخر اللَّيل نظر، فإن كنتُ مستيقظةً حدَّثَني، وإن كنتُ نائمةً أيقظني وصلَّى الركعتين، ثمَّ اضطجع حتَّى يأتيَه المؤذِّنُ فيؤْذِّنُه بصلاة الصُّبح فيُصَلِّي ركعتين خفيفتين ثمَّ يَخرُج إلى الصَّلاة)).
          وراويه عن أبي سَلَمةَ سالمٍ أبو النَّضْر، وراويه عنه سُفْيانَ وهو ابن عُيَينة.
          قال البيهقيُّ: ورواه مالكٌ خارج «الموطَّأ» عن سالمٍ فذكر الحديث عَقِب صلاة اللَّيل، وذكر اضطجاعه بعد ركعتين قبل ركعتي الفجر، وساق طريق أبي داودَ السالفة، ثمَّ قال: وهذا بخلاف رواية الجماعة عن أبي سَلَمةَ. ثم ساق طريق مسلمٍ عنها قالت: ((كان النَّبيُّ صلعم إذا صلَّى مِن اللَّيل ثمَّ أوتر ثمَّ صلَّى الركعتين، فإن كنتُ مستيقظةً حدَّثني وإلَّا اضطجع حتَّى يأتيه المؤذِّنُ)). ثمَّ أخرج مِن طريق الحُمَيديِّ: حدَّثنا سُفْيان، حدَّثنا محمَّد بن عمرو بن علقمةَ، عن أبي سَلَمةَ عنها: ((كان رسول الله صلعم يُصَلِّي صلاتَه مِن اللَّيل وأنا معترضةٌ بينه وبين القِبلة، فإذا أراد أن يوتِرَ حرَّكني برجله، وكان يُصَلِّي الركعتين فإن كنتُ مستيقظةً حدَّثني، وإلَّا اضطجع حتَّى يقوم إلى الصَّلاة)).
          قال الحُمَيديُّ: كان سُفْيان يشُكُّ في حديث أبي النَّضْر ويضطرب فيه، وربما شكَّ في حديث زيادٍ، ويقول: يختلِط عليَّ. ثمَّ قال غير مرَّةٍ: حديث أبي النَّضْر كذا، وحديث زيادٍ كذا، وحديثُ محمَّد بن عمرٍو كذا، على ما ذكرتُ كلُّ ذلك.
          وأمَّا حديثها الأوَّل فهو مِن أفراد البخاريِّ، وأخرجه البيهقيُّ مِن حديث مَعْمَر عن الزُّهريِّ عن عُرْوةَ عنها، ثمَّ قال: أخرجه البخاريُّ وكذلك رواه الأوزاعيُّ وجماعاتٌ عدَّدَهم عن الزُّهريِّ، وكذلك قاله أبو الأسود عن عُرْوةَ عن عائِشَةَ.
          قلتُ: هو طريق البخاريِّ وخالفهم مالكٌ، فذَكَر الاضطجاعَ بعد الوتر، ثمَّ ساقَه وعزاه إلى مسلمٍ، كذا قاله مالكٌ، والعدد أولى بالحفظ مِن الواحد، قال: ويُحتمل أن يكونا محفوظين فَنَقَل مالكٌ أحدَهما ونَقَلَ الباقون الآخَر، واختُلِف فيه أيضًا عن ابن عبَّاسٍ فرُوي عنه أنَّه كان إذا صلَّى ركعتي الفجر اضطجع. ورَوَى كُرَيبٌ عنه ما دلَّ على أنَّ اضطجاعَه كان بعد الوتر، قال: ويُحتمل في ذلك ما احتُمِل في رواية مالكٍ. وذَكَر عن الذُّهْليِّ أنَّ الصَّواب الاضطجاع بعد الركعتين.
          وقال مسلمٌ في «التمييز»: وَهَمَ مالكٌ في ذلك، وخُولف فيه عن الزُّهريِّ، وسلف عن جماعةٍ رووا عنه أنَّ الاضطجاع بعدهم، إذا علمْتَ ذلك فاختلف العلماء في الضِّجْعَة بعد ركعتي الفجر، فذهبتْ طائفةٌ إلى أنَّها سنَّةٌ يجب العمل بها، وعبارةُ ابن عبد البرِّ: ذهبَ قومٌ إلى أنَّ المصلِّي باللَّيل إذا ركع ركعتي الفجر كان عليه أن يضطجع، وزعموا أنَّها سنَّةٌ، واحتجُّوا بحديث الباب وغيرِه مما ذكرناه، وقال: هكذا قال كُلُّ مَن رَوَاهُ عن ابن شهابٍ إلَّا مالك بن أنسٍ فإنَّه جعل الاضطجاع فيه بعد الوتر، واحتجُّوا أيضًا بحديث الأعمش عن أبي صالحٍ عن أبي هُرَيرةَ قال رسول الله صلعم: ((إذا صلَّى أحدُكُم ركعتين قبل الصُّبح فليضطجع على يمينه)).
          وذهبتْ طائفةٌ / إلى أنَّها ليست سنَّةً، وإنَّما كانت راحةً لطول قيامه، واحتجُّوا بالحديث الثاني عن عائِشَةَ، وقد قال ابنُ القاسم عن مالكٍ: إنَّه لا بأس بها إنْ لم يُرِدْ بها الفضل. وقال الأثرم: سمعتُ أحمد يُسأل عنها فقال: ما أفعلُهُ أنا، فإنْ فَعَلَهُ رجلٌ. ثمَّ سكت، كأنَّه لم يَعِبْه إن فَعَلَه. قيل له: لِمَ لَمْ تأخُذْ به؟ قال: ليس فيه حديثٌ يثبُتُ.
          قلتُ لهُ: حديث الأعمش عن أبي صالحٍ عن أبي هُرَيرةَ. قال: رواه بعضهم مرسلًا. وقال ابن العربيِّ: إنَّه معلولٌ لم يسمعه أبو صالحٍ مِن أبي هُرَيرةَ، وبيْن الأعمش وأبي صالحٍ كلام. وذكر البيهقيُّ أنَّ الأوَّل في رواية أبي هُرَيرةَ فكأنَّه فَعَلَه صلعم للراوية التي هي عن محمَّد بن إبراهيمَ عن أبي صالحٍ: سمعتُ أبا هُرَيرةَ يحدِّثُ مروان بن الحكم أنَّه صلعم كان يَفْصِلُ بينَها وبين الصبح بضَجعةٍ على شقِّه الأيمن.
          وذكر الأَثْرمُ مِن وجوهٍ عن ابن عُمَرَ أنَّه أنكره، وقال: إنَّها بدعةٌ. وعن إبراهيمَ وأبي عُبَيدةَ وجابر بن زَيْدٍ، أنَّهم أنكروا ذلك، ومشهورُ مذهبِ مالك أنَّها لا تُسنُّ. وقال عياضٌ في هذا الاضطجاعِ: الاضطجاعُ بعد صلاة اللَّيل وقبلَ ركعتي الفجر. وفي الرواية الأخرى عنها أنَّه: ((كان صلعم يضطجع بعد ركعتي الفجر)).
          وفي حديث ابن عبَّاسٍ أنَّ الاضطجاع كان كالأوَّل قال: وهذا فيه رَدٌّ على الشافعيِّ وأصحابه، في أنَّ الاضطجاع بعدها سنَّةٌ. قال: وذهب مالكٌ وجمهورُ العلماء وجماعةٌ مِن الصَّحابة إلى أنَّها بدعةٌ، وأشار إلى أنَّ رواية الاضطجاع مرجوحةٌ، ولم يقل أحدٌ في الاضطجاع قبلَهما أنَّه سنَّةٌ، فكذا بعدهما.
          وقالت عائشة: (فَإِنْ كُنْتُ مُسْتَيْقِظَةً حَدَّثَنِي، وَإِلَّا اضْطَجَعَ). فهذا يدلُّ على أنَّه ليس بِسُنَّةٍ، واعترض النَّوويُّ فقال: الصحيح _أو: الصَّواب إن شاء الله_ أنَّ الاضطجاعَ بعد سنَّة الفجر سنَّةٌ، لحديث أبي هُرَيرةَ السالف: ((إذا صلَّى أحدكم ركعتي الفجر فليضطجع على يمينه)). رواه أبو داودَ والتِّرمذيُّ بإسنادٍ صحيحٍ على شرط الشيخين. وقال التِّرمذيُّ: حسنٌ صحيحٌ، قال: فهذا صحيحٌ صريحٌ في الأمر بالاضطجاع.
          وأمَّا حديث عائِشَةَ بالاضطجاع بعدَها وقبلَها، وحديثُ ابن عبَّاسٍ قبلَها، فلا يخالف هذا، فإنَّه لا يلزم مِن الاضطجاع قبلَها ألَّا يضطجعَ بعدها، ولعلَّه ◙ تَرَكَ الاضطجاعَ بعدَها في بعض الأوقات بيانًا للجواز لو ثبت الترْكُ فلعلَّه كان يضطجع قبلَ وبعدَ. وقال القُرْطبيُّ: هذه ضجعة الاستراحة، وليست بواجبةٍ عند الجمهور، ولا سنَّةً خلافًا لمن حَكَم بوجوبها مِن أهل الظاهر، ولِمَن حكم بسُنَّتِها، وهو الشافعيُّ. وذكر حديث عائشة: (فَإِنْ كُنْتُ مُسْتَيْقِظَةً حَدَّثَنِي...) الحديث.
          وذكر البيهقيُّ عن الشافعيِّ أنَّه أشار إلى الاضطجاع للفصل بين النَّافلة والفريضة. ثمَّ سواء كان ذلك الفصل بالاضطجاع أو التحديث أو التحوُّل عن ذلك المكان أو غيرِه، والاضطجاعُ غير متعيِّنٍ لذلك.
          ولِمَا ذكر ابن بطَّالٍ أنَّ هذه الضِّجعة سُنَّة يجبُ العملُ بها أنَّه فَعَلَها أنسٌ وأبو موسى الأشعريُّ ورافع بن خَدِيجٍ وروايةٌ ضعيفةٌ عن ابن عُمَرَ ذكرَها ابن أبي شَيْبَةَ، ورَوى مثلَه عن ابن سيرينَ وعُروة. قلت: وحكاها ابن حزمٍ عن جماعةٍ: سعيدِ بن المسيِّبِ والقاسمِ بن محمَّدٍ وأبي بكر بن عبد الرَّحمنِ وخارجةَ بن زَيْدٍ بن ثابتٍ وعُبَيد الله بن عبد الله بن عُتبةَ وسليمانَ بن يسارٍ، وأبي موسى الأشعريِّ وأصحابه، وأبي الدَّرداء وأبي رافعٍ، كذا قال، وإنَّما هو رافع بن خَدِيجٍ.
          قال: _يعني ابنَ بطَّالٍ_ وذهب جمهور العلماء إلى أنَّ هذه الضِّجعة إنما كان يفعلها للراحة مِن تعب القيام وكرِهُوها، وممَّن كرهها النَّخَعيُّ.
          وذكر ابن أبي شَيْبَةَ قال: قال أبو الصِّدِّيق الناجيُّ: رأى ابن عُمَرَ قومًا قد اضطجعوا بعد ركعتي الفجر، فأرسل إليهم فنهاهم، فقالوا: نريد السُّنَّة، قال ابن عُمَرَ: ارجع إليهم فأخبرهم أنَّها بِدعةٌ. ورواه البيهقيُّ أيضًا. وعن ابن المسيِّب قال: رأى ابن عُمَرَ رجلًا اضطجع بعد الركعتين، فقال: احصِبوه. وقال أبو مِجْلز: سألت _أعني ابن عُمَرَ_ عنها فقال: يتلعَّب بكم الشيطان. وعن مجاهدٍ: صحبتُ ابن عُمَرَ في السَّفر والحضر فما رأيته اضطجع بعد ركعتي الفجر. وعن إبراهيمَ قال: قال عبد الله: ما بال الرجل إذا صلَّى الركعتين يتمعَّكُ كما تتمعَّكُ الدَّابَّة والحمار، إذا سلَّم فقد فصل. ونحوُه عن ابن جبيرٍ.
          وعن الحسن بن عبيد الله قال: كان إبراهيم يكره الضِّجعة المذكورة، وعنه أنَّها ضجعة الشيطان، وعن الحسن كراهتها. وقال ابن جُبَيرٍ: لا تضطجعْ بعد الركعتين قبل الفجر، واضطجعْ بعد الوتر _وكلُّ هذه الآثار في «كتاب ابن أبي شَيْبَةَ» _ وعن عبد الكريم: أنَّ عُروة دخل المسجد والناس في الصَّلاة فركع ركعتين، ثمَّ أمسَّ جنبه الأرض، ثمَّ قام فدخل مع الناس في الصَّلاة. وعن ابن عونٍ، عن محمَّدٍ: كان إذا صلَّى ركعتي الفجر اضطجع. وعن أبي هُرَيرةَ الأمرُ بها.
          وفي أبي داودَ عن أبي بكرةَ قال: ((خرجتُ مع النَّبيِّ صلعم لصلاة الصبح، وكان لا يمرُّ برجلٍ إلَّا ناداه بالصَّلاة أو حرَّكه برجله))، فيه أبو الفضل الأنصاريُّ، وهو غير مشهورٍ. وقال المهلَّب: هذه الضِّجعة منه إنَّما كانت في الغِّبِّ لأنَّه كان أكثر عمله أن يُصَلِّيهما إذا جاء المؤذِّن للإقامة. وقال ابن قُدَامة: إنَّها سنَّةٌ على جنبه الأيمن. وأنكره ابن مسعودٍ. وكان القاسم وسالمٌ يفعلونه. واختُلِف فيه عن ابن عُمَرَ. ورُوي عن أحمدَ أنَّه ليس بسنَّةٍ لأنَّ ابن مسعودٍ أنكره.
          وحِكمَةُ الاضطجاع على الأيمن ألَّا يستغرق في النوم لأنَّ القلب في جهة اليسار، فيتعلَّقُ حينئذٍ فلا يستغرق، بخلاف ما إذا نام على يساره فإنَّه في دَعَةٍ واستراحةٍ فيستغرق.
          قال ابن بطَّالٍ: والحديثُ الثاني يبيِّنُ أنَّ الضِّجعة ليست بسنَّةٍ، وأنَّها للراحة، مَن شاء فعلَها، ومَن شاء تركها. ألا ترى قول عائشة: (فَإِنْ كُنْتُ مُسْتَيْقِظَةً / حَدَّثَنِي، وَإِلَّا اضْطَجَعَ). فدلَّ أنَّ اضطجاعه إنَّما كان يفعله إذا عَدِم التحديثَ معها ليستريح مِن نَصَبِ القيام.
          وفي «سماع ابن وهبٍ» قيل: فمَن ركع ركعتي الفجر، أيضطجع على شِقِّهِ الأيمن؟ قال: لا. يريد: لا يفعله استنانًا لأنَّه صلعم لم يفعله استنانًا، وكان ينتظر المؤذِّنَ حتَّى يأتيَه.
          وإنَّما ترك الشَّارع الاستغفارَ وحدَّثها، وقد مدح تعالى المستغفرين بالأسحار لأنَّ السَّحَر يقع على ما قبل الفجر كما يقع على ما بعده. ومنه قيل للسُّحور سُحور لأنَّه طعام في السَّحَر قبل الفجر، وقد كان صلعم أخذ بأوفر الحَظِّ مِن القيام، واستغفارِ الملك العلَّام. وقد سلف أنَّه قبل الفجر مطلوبٌ، بقوله: (مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟) والتكلُّم في أثنائه من شأنٍ يصلحُه، وعِلمٍ ينشرُه لا يُخرجه عن الاسم المرغوب.
          واختلف السَّلف في الكلام بعد ركعتي الفجر، فقال نافعٌ: كان ابن عُمَرَ ربَّما تكلَّم بعدهما. وقال إبراهيم: لا بأس أن يُسلِّمَ ويتكلَّم بالحاجة بعدهما. وعن الحسن وابن سيرينَ مثلُه. وكره الكوفيُّون الكلام قبل صلاة الفجر إلَّا بخيرٍ. وكان مالكٌ يتكلَّم في العلم بعد ركعتي الفجر، فإذا سلَّم مِن الصبح لم يتكلَّم مع أحدٍ حتَّى تطلع الشَّمس.
          قال مالكٌ: لا يُكره الكلام قبل الفجر وإنما يُكره بعدها إلى طلوع الشَّمس.
          وممَّن كان لا يرخِّص في الكلام بعد ركعتي الفجر: قال مجاهدٌ: رأى ابن مسعودٍ رجلًا يكلِّمُ آخر بعد ركعتي الفجر فقال: إمَّا أن تذكر الله، وإمَّا أن تسكت. وعن سعيد بن جُبيرٍ مثلُه. وقال إبراهيم: كانوا يكرهون الكلام بعدهما، وهو قول عطاءٍ. وسُئل جابر بن زَيْدٍ: هل يُفَرِّقُ بين صلاة الفجر وبين الركعتين قبلَها بكلامٍ؟ قال: لا، إلَّا أن يتكلَّم بحاجةٍ إن شاء. ذكر هذه الآثار ابن أبي شَيْبَةَ.
          والقول الأوَّل أولى لشهادة السُّنَّةُ الثابتة له، ولا قولَ لأحدٍ مع السُّنَّة.
          واختلفوا في التنفُّل بعد طلوع الفجر. وكرهت طائفة الصَّلاة بعد الفجر إلَّا ركعتي الفجر، رُوي ذلك عن ابن عُمَرَ وابن عبَّاسٍ وابن المسيِّب وروايةٌ عن عطاءٍ. وحُجَّتُهُم حديث موسى بن عُقْبة، عن نافعٍ عن ابن عُمَرَ أنَّ النَّبيَّ صلعم قال: ((لا صلاةَ بعد طلوع الفجر إلَّا ركعتي الفجر)). ويروَى أيضًا مِن مرسلات ابن المسيِّب عن رسول الله صلعم. وأجاز ذلك آخرون، رُوي هذا عن طاوسٍ والحسن البصريِّ ورواية عن عطاءٍ قالوا: إذا طلع الفجر صلِّ ما شئت. ذكر هذا عبد الرزَّاق. وعندنا لا كراهةَ إلَّا بعد فعل الفرض.