التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب ذكر العشاء والعتمة ومن رآه واسعًا

          ░20▒ باب ذِكْرِ العِشَاءِ وَالْعَتَمَةِ وَمَنْ رَآهُ وَاسِعًا.
          564- قد تقدَّم فقه ذلك قريبًا في الباب قبله [خ¦563]، وقد أباح تسميتها بالعتَمة أيضًا أبو بكرٍ وابن عبَّاسٍ فيما ذكره ابن أبي شَيبة.
          ثمَّ ذكر في الباب أحاديث فيها التسمية بالعشاء والعتَمة، فقال: وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلعم: (أَثْقَلُ الصَّلاَةِ على المُنَافِقِينَ العِشَاءُ وَالْفَجْرُ)، وهذا قد أسنده في فضل العشاء في جماعةٍ كما سيمرُّ بك [خ¦657]. وقال: (لَوْ يَعْلَمُونَ مَا في العتَمةِ والفجرِ)، وهذا قد أسنده في الأذان والشَّهادات مِن حديث أبي هُريرة أيضًا، وأوَّله: ((لو يعلمُ النَّاسُ ما في النِّداء والصَّفِّ الأوَّل، ثمَّ لم يجدُوا إلَّا أن يستهمُوا عليه لاستهمُوا، ولو يعلمون ما في التَّهجير لاستبَقوا إليه، ولو يعلمون ما في العَتمةِ والصُّبحِ لأتوهُما ولو حَبوًا)). ثمَّ قَالَ البخاريُّ: (والاختِيَارُ أنْ يَقُولَ: العِشاء؛ لقول الله تعالى: {مِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ} [النور:58]). هو كما قَالَ موافقةً للفظ القرآن، وإن كانت السُّنَّة ثبتت به وبالعتمة أيضًا. وقد سلف الكلام على حديث النَّهي، وقال به سالمٌ وابن سِيرينَ، وأجازه أبو بكرٍ وابن عبَّاسٍ كما سلف.
          قَالَ البخاريُّ: ويُذكر عن أبي موسى: (كنَّا نتناوبُ النَّبِيَّ صلعم عند صلاةِ العشاءِ فأعتمَ بها). وهذا قد أسنده في باب فضل العشاء، وأخرجه مسلمٌ أيضًا، وهو رادٌّ على مَن قَالَ: إنَّ التَّعليق الممرَّض نازلٌ عند البخاري عن رتبة المجزوم به.
          ثمَّ قَالَ البخاريُّ: وقال ابن عبَّاسٍ وعائشةُ: (أعتمَ النَّبِيُّ صلعم بالعشاءِ). وهذان قد أسندهما بعد، الأوَّل: في باب النَّوم قبل العشاء، والثاني: في باب فضل العشاء.
          ثمَّ قَالَ: وقال بعضهم عن عائشةَ: (أعتمَ النَّبِيُّ صلعم بالعتَمةِ) وهذا قد أسنده النَّسائيُّ مِن حديث شُعَيبٍ عن الزُّهريِّ عن عُروةَ عنها قَالَتَ: ((أعتمَ رَسُولُ الله صلعم ليلةً بالعتمةِ)) وأسنده مسلمٌ مِن حديث يونُس عن ابن شهابٍ عن عُروةَ عنها، قالت: ((أعتمَ رَسُولُ الله صلعم ليلةً مِن اللَّيالي بصلاة العِشاء)). ثمَّ قَالَ: وقال جابرٌ: (كان النَّبِيُّ صلعم يصلِّي العشاءَ). وهذا قد أسنده في الباب بعد هذا، وسلف أيضًا في الباب قبله.
          ثمَّ قَالَ البخاريُّ: وقال أبو بَرْزَة: (كان النَّبِيُّ صلعم يؤخِّر العشاءَ) وهذا قد أسنده في باب وقت العصر، وقد سلف ولفظه: ((وكان يستحبُّ أن يؤخِّرَ العشاء الَّتي تدعونها العَتَمَة)).
          ثمَّ قَالَ: وقال أنسٌ: (أخَّر النَّبِيُّ صلعم العشاءَ الآخرةَ). وهذا قد أسنده في باب: وقت العشاء إلى نصف اللَّيل. ثمَّ قَالَ: وقال ابن عُمر وأبو أيُّوبَ وابن عبَّاسٍ: (صلَّى النَّبِيُّ صلعم المغرب والعشاء) وهذا مسندٌ في أبي داودَ وابن ماجه.
          ثمَّ قَالَ البخاريُّ: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ _هو عبد الله بن عُثمان_ حدَّثنا عَبْدُ اللهِ _هو ابن المبارك_ أخبرنا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ عن سَالِمٍ عن أبيه: صَلَّى لَنا رَسُولُ اللهِ صلعم لَيْلةً صَلاَةَ العِشَاءِ _وَهْيَ التِي يَدْعُو النَّاسُ العَتَمَةَ_ ثُمَّ انْصَرَفَ، فَأَقْبَلَ عَلَيْنَا فَقَالَ: أَرَأَيْتَكُمْ لَيْلَتَكُمْ هذِه؟ فَإِنَّ رَأْسَ مِائَةِ سَنَةٍ مِنْهَا لاَ يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ على ظَهْرِ الأَرْضِ أَحَدٌ).
          وهذا الحديث قد سلف الكلام عليه مبسوطًا في كتاب العلم في باب: السَّمر فيه [خ¦116]، وذكرنا أنَّ بعض النَّاس تعلَّق به على / عدم حياة الخضر ◙، وأجبنا عنه فراجعه وذكرنا حال الخضر في باب ما ذُكر من ذهاب موسى في البحر إلى الخضر [خ¦74]، فراجعه منه تجد ما يشفي الغليل.