التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب وقت المغرب

          ░18▒ باب وَقْتِ المَغْرِبِ.
          ذكر فيه أثرًا عن عطاءٍ وأربعة أحاديث.
          أمَّا الأثر فقال: / وَقَالَ عَطَاءٌ: يَجْمَعُ المَرِيضُ بَيْنَ المَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ.
          وهذا قد سلف الكلام عليه في باب: تأخير الظُّهر إلى العصر [خ¦543].
          559- وأمَّا الأحاديث: فأحدها: عن أبي النَّجاشيِّ مولى رافعٍ سمع رَافِعَ بْنَ خَدِيج يَقُولُ: (كُنَّا نُصَلِّي المَغْرِبَ مَعَ النَّبِيِّ صلعم فَيَنْصَرِفُ أَحَدُنَا وَإِنَّهُ لَيُبْصِرُ مَوَاقِعَ نَبْلِهِ).
          الكلام عليه مِن أوجهٍ:
          أحدها: أبو النَّجاشيِّ هذا اسمه عطاء بن صُهَيبٍ، تابعيٌ ثقةٌ. والحديث أخرجه مسلمٌ أيضًا.
          ثانيها: النَّبل: السِّهام الصِّغار العربيَّةُ، وهي مؤنَّثة لا واحد لها مِن لفظها. وقيل: واحده نَبَلةٌ، والجمع: نبالٌ وأنبالٌ.
          ثالثها: الحديث دالٌّ على المبادرة بالمغرب في أوَّل وقتها بمجرَّد الغروب وهو إجماعٌ، ولا عبرة بمن شذَّ فيه ممَّن لا يُعتدُّ به، والأحاديث الَّتي قد تُشعر بالتَّأخير وردت لبيانه، فإنَّها كانت جواب سائلٍ عن الوقت، والتقديم هو المعهود مِن عادته. وحديث أبي بَصْرَة: ((لا صلاةَ بعدَ العصرِ حَتَّى يطلُعَ الشَّاهد))، والشَّاهد: النَّجم، أخرجه مسلمٌ، لا ينافيه. وحديث عبد العزيز بن رُفَيعٍ، قَالَ رَسُولُ الله صلعم ((عجِّلوا بصلاة النَّهار في يوم غيمٍ، وأخِّروا المغرب)) أخرجه أبو داود في «مراسيله»، والمراد _والله أعلم_ تحقُّق الغروب.
          ووقتها عند الشَّافعيِّ: بمضيِّ قدر وضوءٍ وستر عورةٍ وأذانين وخمس ركعاتٍ مِن وقت الغروب، وبه قَالَ مالكٌ والأوزاعيٌّ، وله أن يستديمها إلى مغيب الشَّفق. والقويُّ مِن جهة الدَّليل بقاؤه إلى مغيب الشَّفق. وبه قَالَ أبو حَنيفة والثَّوريُّ وأحمد وإسحاق. وعن طاوس: لا يفوت المغرب والعشاء حَتَّى الفجر. وعن عطاءٍ: لا يفوتا حَتَّى النَّهار.
          وفي «مصنَّف عبد الرَّزَّاق» عن ابن جُرَيجٍ، أخبرني عبد الرَّحمن بن سابِطٍ أنَّ أبا أُمامة سأل النَّبِيَّ صلعم: متى غروب الشمس؟ قَالَ: ((مِن أوَّل ما تصفرُّ إلى أن تغرب)).