التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب: {منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين}

          ░2▒ باب قوله تعالى: {مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [الروم:31]
          523- المنيب: التَّائب، وقرَنَ الله ╡ التُّقى ونفيَ الإشراك به بإقامة الصَّلاة، فهي أعظم دعائم الإسلام بعد التَّوحيد، وأقرب الوسائل إلى الله تعالى، ومفهوم الآية كمفهوم قوله صلعم: ((إنَّ بين الرَّجل وبين الشِّرك والكفر ترك الصَّلاة)) أخرجه مسلمٌ مِن حديث جابرٍ، ولفظ النَّسائيِّ: ((ليس بينَ العبدِ وبينَ الكفرِ إلَّا تركُ الصَّلاة)) ونحوه من الأحاديث.
          وقال عمرُ: لا حظَّ في الإسلام لمَن ترك الصَّلاة. وكان الصِّدِّيق إذا حضرتِ الصَّلاة قَالَ: قوموا إلى ناركم الَّتي أوقدتموها فأطفئوها. وقال يحيى بن سعيدٍ في «الموطَّأ»: بلغني أنَّ أوَّل ما يُنظر فيه مِن عمل العبد الصَّلاة، فإن قُبِلت منه نُظر في عمله، وإن لم تُقبل منه لم يُنظَر في شيءٍ مِن عمله.
          ثمَّ أورد البخاريُّ في الباب حديث وفد عبد القَيس، وقد سلف في باب: أداء الخُمُس مِن الإيمان في كتاب الإيمان [خ¦53]، وكان مِن شأنه عليه أفضل الصَّلاة والسَّلام أن يُعلِّم كلَّ قومٍ ما تمسُّ الحاجة إليه، وما الخوف عليهم مِن قِبَلِه أشدُّ. وكان وفد عبد القَيس يُخاف عليهم الغُلول في الفَيء، وكانوا يكثرون الانتباذَ في هذِه الأوعِية، فعرَّفهم ما بهم الحاجةُ إليه، وما يُخشى منهم مواقعتُه، وتركَ غير ذلك ممَّا قد شهر وفشا عندهم.