التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب الصلوات الخمس كفارة

          ░6▒ باب الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ كَفَّارَةٌ.
          528- ذكر فيه حديث أبي هُرَيرةَ: سَمِعَ النَّبِيَّ صلعم يَقُولُ: (أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهَرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ، يَغْتَسِلُ منه كُلَّ يَوْم خَمْسًا، مَا تَقُولُ ذلك يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ؟ قالوا: لاَ يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ شَيْئًا. قَالَ: فَذلك مِثْلُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ، يَمْحُو اللهُ بِهنَّ الخَطَايا). الكلام عليه مِن أوجهٍ:
          أحدها: هذا الحديث أخرجه مسلمٌ أيضًا، وصحَّحه التِّرمذيُّ، قَالَ: وفي الباب عن جابرٍ.
          ثانيها: الدَّرَن _بفتح الدَّال والرَّاء_ كنايةٌ عن الآثام، وشبَّه ذلك بصغار الذُّنوب لأنَّ الدَّرَن صغيرٌ بالنِّسبة إلى ما هو أكبر منه كالجراحات وشبهها.
          ثالثها: هذا الحديث رواه سعدُ بن أبي وقَّاصٍ، خرَّجه مالكٌ بلاغًا موقوفًا عليه، وهو ثابتٌ مسندٌ بذكر الأخوين اللَّذين مات أحدهما بعد الآخر، وذكر فضيلة الأوَّل إلى أن ضرب المثل بالنَّهر، وزاد فيه: ((العذبُ الغَمْرُ)) يريد الحلو الطَّيب الكثير. ووجه التمثيل أنَّ المرء كما يتدنَّس بالأقذار المحسوسة والأدران المشاهدة في بدنه وثيابه فيطهِّره الماء الكثير العذب إذا والى استعماله، وواظب على الاغتسال منه، فكذلك تطهِّر الصَّلاةُ العبدَ عن أقذار الذُّنوب حَتَّى لا تُبقي له ذنبًا إلَّا أسقطته وكفَّرته، ويكون ذلك بالوضوء كالصَّلاة، وإنَّما يكفِّر الوضوء الذُّنوب لأنَّه يُراد به الصَّلاة، فما ظنُّك بالمراد وهو الصَّلاة وذلك أقوى في التَّكفير، وأولى بالإسقاط، وكما يطهِّر الماءُ الوسخ، فكذلك يُذهب الهموم والغموم الدَّاخلة على العبد أيضًا، فإنَّ الهموم أصلها الذُّنوب.