التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب ما يصلى بعد العصر من الفوائت ونحوها

          ░33▒ باب مَا يُصَلَّى بَعْدَ العَصْرِ مِنَ الفَوَائِتِ وَنَحْوِهَا.
          وَقَالَ كُرَيْبٌ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ: صَلَّى النَّبِيُّ صلعم بَعْدَ العَصْرِ رَكْعَتَيْنِ وَقَالَ: (شَغَلَنِي نَاسٌ مِنْ عَبْدِ القَيْسِ عَنِ الـرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ).
          590- 591- 592- 593- وهذا التَّعليق أخرجه مسندًا في السَّهو وفي وَفد عبد القيس مِن كتاب المغازي عن يحيى بن سُلَيمان عن ابن وَهْبٍ عن عَمرو بن الحارث عن بُكَيرٍ عن كُرَيبٍ مطوَّلًا. وأخرجه مسلمٌ أيضًا.
          وفي البخاريِّ: قَالَ ابن عبَّاسٍ: وكنتُ أضربُ النَّاس مع عمرَ بن الخطَّاب عنهما. وهو بالضَّاد المعجمة، ورُوي بالفاء والصَّاد المهملة. وفي مسلمٍ: ((ناسٌ مِن عبد القيسِ بالإسلامِ مِن قومِهم))، وفي البيهقيِّ: أنَّه ((قدم عليَّ وفدُ بني تميمٍ _أو صدقة_ شغلوني عنهما))، ولأحمد: ((قدم عليَّ مالٌ فشغلَني عنهما))، وفي ابن ماجه مِن حديث يزيدَ بن أبي زِيادٍ: ((أنَّه شغله عنهما قسمةُ ما جاء به السَّاعي)). وللتِّرمذيِّ محسَّنًا مِن حديث ابن عبَّاسٍ: ((شغلَه عنهما مالٌ فصلَّاهما بعد العصر، ثمَّ لم يعد لهما)).
          وذكر بعده حديث عائشةَ في صلاته ◙ الرَّكعتين بعد العصر مِن طرقٍ:
          منها: عن أيمن عنها، وهو مِن أفراده. ومنها: عن عروة عنها، وقالت: ((ما تركهما عندي قطُّ)). وأخرجه مسلمٌ أيضًا. ومنها: عن الأسوَد عنها، وأنَّه لم يدَعْها سرًّا ولا علانيةً. وأخرجه مسلمٌ أيضًا. ومنها: عن الأسود ومسروقٍ أنَّهما شَهِدا على عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا كَانَ النَّبِيُّ صلعم يَأْتِينِي فِي يَوْمٍ بَعْدَ العَصْرِ إلَّا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ. وأخرجه مسلمٌ أيضًا، وهو في مسلمٍ مِن حديث أبي سلَمةَ وطاوسَ عنها. ومنها: عبد الله بن الزُّبير عنها، وسيأتي في البخاريِّ [خ¦1631]. وذكر الدَّارقَطْنيُّ الاختلاف في حديث عائشةَ مبسوطًا، ثمَّ قَالَ: والصَّحيح عنها ما رواه عبد الله وهشامٌ ابنا عُروةَ عن أبيهما عنها. وَقَالَ في مسند أمِّ سلمةَ: حديث بُكَيرٍ بن الأشجِّ أثبتها وأصحُّها.
          وفقه الباب ظاهرٌ كما ترجم له، وهو قضاء سنَّة الظُّهر بعد العصر، ووقع في رواية عائشةَ ما يُوهم أنَّها سنَّة العصر؛ فإنَّها قالت: كان يصلِّيهما قبل العصر. ويُحمل على أنَّها سنَّة الظُّهر لأنَّها قبل العصر، ويُقاس عليه كلُّ صلاةٍ لها سببٌ، وهو مراد البخاريِّ بقوله: (ونحوها). والاستدلال بفعله صلعم لذلك أوَّل مرَّةٍ ومداومته على فعلها خاصٌّ به / على الأصحِّ. وقَالَ الطَّبريُّ: فعَل ذلك تنبيهًا لأمَّته أنَّ نهيه كان على وجه الكراهة لا التَّحريم. وَقَالَ البيهقيُّ: الأخبار مشيرةٌ إلى اختصاصه بإثباتها لا إلى أصل القضاء. وحديث أمِّ سلمةَ فيه صريحٌ أنَّه بعد النَّهي، فلم يُمكن مَن ادَّعى تصحيح الآثار على مذهبه دعوى النَّسخ فيه فأتى بروايةٍ ضعيفة عنها في هذه القصَّة: ((فقلت: يا رَسُولَ الله، أفَنقضِيهما إذا فاتانا؟ قَالَ: لا))، واعتمد عليها.