التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب وقت العشاء إلى نصف الليل

          ░25▒ باب وَقْتِ العِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ.
          وَقَالَ أَبُو بَرْزَةَ: (كَانَ النَّبِيُّ صلعم يَسْتَحِبُّ تَأْخِيرَهَا).
          572- هذا الحديث سلف في باب وقت العصر [خ¦547]. ثمَّ ساق بإسناده حديث أنسٍ: قَالَ: أَخَّرَ النَّبِيُّ صلعم صَلاَةَ العِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ، ثُمَّ صَلَّى، ثُمَّ قَالَ: (رقد النَّاسُ وَنَامُوا، أَمَا إِنَّكُمْ فِي صَلاَةٍ مَا انْتَظَرْتُمُوهَا) وَزَادَ ابن أَبِي مَرْيَمَ: حدَّثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ سَمِعَ أَنَسًا: (كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ خَاتَمِهِ لَيْلَتَئِذٍ).
          هذا الحديث أخرجه البخاريُّ في مواضع أُخر: في باب مَن جلس في المسجد ينتظر العِشاء، وفيه: ((إِلَى شَطْرِ اللَّيْلِ))، وفي باب: السَّمَر في الفقه والخير بعد العشاء، وفي باب: يستقبل الإمام النَّاس إذا سلَّم، واللِّباس. وهذا التَّعليق ذكره في اللِّباس أيضًا بلفظ: وَقَالَ يحيى بن أيُّوبَ عن حُمَيدٍ فذكره. وأخرجه مسلمٌ أيضًا.
          واختلف النَّاس في آخر وقت العشاء على أقوالٍ:
          أحدها: أنَّ آخره ثلث اللَّيل، رُوي عن عُمر بن الخطَّاب وأبي هُرَيرة وعُمر بن عبد العزيز ومَكحولٍ، وإليه ذهب مالكٌ لغير أصحاب الضَّرورات. وفيه حديثٌ مِن طريق عليٍّ أخرجه الطَّبريُّ في «تهذيبه». واقتداءً بحديث جبريلَ مِن طريق جابرٍ، صحَّحه ابن خُزَيمة وغيره.
          ثانيها: إلى رُبعه، قَالَه النَّخَعيُّ، ولا متمسَّكَ له واضحٌ، وهذا ما حكاه عنه ابن بطَّالٍ، وحكى عنه ابن المُنذر في «إشرافه» موافقة الثالث.
          ثالثها: إلى نصفه، قاله ابن حَبيبٍ والثَّوريُّ أيضًا، وحكاه ابن بطَّالٍ عن أبي حَنيفة أيضًا.
          رابعها: إلى طلوع الفجر الثاني، وهو قول الجمهور.
          والأصحُّ عند الشَّافعية أنَّ وقتها المختار إلى الثلث، وأغرب الإصْطَخرِيُّ فقال: بخروج الوقت المختار يخرج الوقت.