شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب الساعة التي في يوم الجمعة

          ░37▒ باب: السَّاعَةِ الَّتِي فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ.
          فيه: أَبو هُرَيْرَةَ: (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم ذَكَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ: فِيهِ سَاعَةٌ لا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللهَ شَيْئًا، إِلا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا). [خ¦935]
          اختلف السلف في هذه الساعة، فرُوي عن أبي هريرة قال: هي من بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، وبعد صلاة العصر إلى غروب الشمس. وقال(1) الحسن وأبو العالية: هي عند زوال الشمس، وقال أبو ذر(2): هي ما بين أن تزيغ الشمس بشبر(3) إلى ذراع، وقالت عائشة: هي إذا أذن المؤذن بالصلاة، وقال ابن(4) عمر: هي الساعة التي اختار الله فيها الصلاة، وهو قول أبي بُرْدَة وابن سيرين، وقال أبو أمامة: إني لأرجو أن تكون في(5) هذه الساعات: إذا أذن المؤذن، أو إذا جلس الإمام على المنبر، أو عند الإقامة. وقال الشَّعبي: هو(6) ما بين أن يُحرَّم البيع إلى أن يحلَّ، وحجة هذا القول ما(7) روى ابن وهب عن مخرمة بن بكير عن أبيه عن أبي بُرْدَة بن أبي موسى قال: ((قال لي عبدالله بن عُمَر: سمعتَ أباك يُحدِّث عن رسول الله صلعم في شأن ساعة الجمعة؟ قلت: نعم، سمعته يقول: سمعت النبي صلعم، يقول: هي ما بين مجلس الإمام إلى(8) تقضي الصلاة)). وروى الأوزاعي عن من حَدَّثَهُ(9) عن أبي الخير(10)، عن علي بن أبي طالب قال: ((قال رسول الله صلعم: إذا زالت الأفْيَاء وراحت الأرواح، فاطلبوا إلى الله تعالى حوائجكم، فإنها ساعة الأوابين، وإنه كان للأوابين غفورًا)).
          وقال عبدالله بن سلام: هي ما بين العصر إلى أن تغرب الشمس، ورُوي مثله عن ابن عباس وأبي هريرة ومجاهد وطاوس. قال المُهَلَّب: وحجة من قال: إنها بعد العصر قوله ◙: ((يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار(11)، ويجتمعون في صلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم))، فهو وقت العروج وعرض الأعمال على الله تعالى، فيوجب الله تعالى فيه مغفرته للمصلين من عباده، ولذلك شدد النبي صلعم، في(12) من حلف على سلعة(13) بعد العصر لقد أُعطي بها أكثر تعظيمًا للساعة، وفيها يكون اللعان والقسامة، وقيل في قوله تعالى: {تحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ الصَّلاَةِ}[المائدة:106]، أنها بعد(14) العصر.
          ومعنى قوله: (وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي(15))، قد فسرَّهُ(16) عبدالله بن سلام لأبي هريرة فقال: ألم(17) يقل رسول الله صلعم: ((من جلس ينتظر الصلاة فهو في صلاة))، فقال أبو هريرة: بلى، فقال: هو ذاك(18). وروى ابن(19) أبي أويس(20) عن أخيه عن سليمان بن بلال عن الثقة عن صفوان بن سُلَيم عن أبي سلمة عن أبي سعيد الخدري قال: قال النبيُّ صلعم(21): ((الساعة التي يسُتجاب فيها الدعاء يوم الجمعة بعد صلاة(22) العصر إلى(23) غروب الشمس أغفل ما يكون الناس(24))).


[1] زاد في (ق): ((أبو)).
[2] في (ص): ((ذؤيب)).
[3] في (ق): ((يسيرًا)) وفي (ص): ((شبرًا)).
[4] في (ق): ((أبو)).
[5] زاد في (م): ((إحدى))، و زاد في (ق): ((آخر)).
[6] في (م) و(ق): ((هي)).
[7] في (م) و(ق): ((وحجة ذلك ما)).
[8] زاد في (ق): ((أن)).
[9] في (ص): ((عن جدته)).
[10] في (ق): ((الجلد)). في (م): ((الخير)) غير واضحة.
[11] في (م) و(ق): ((بالليل والنهار)).
[12] في (ص): ((على)).
[13] في (ق): ((سلعته)).
[14] زاد في (ص): ((صلاة)).
[15] قوله: ((يصلي)) ليس في (ص).
[16] في (ق): ((فسر)).
[17] في (ق): ((لم)).
[18] في (م) و(ق): ((بلى، قال فهو ذلك)).
[19] قوله: ((بن)) ليس في (م).
[20] في (ق): ((أوس)).
[21] في (م): ((قال رسول الله صلعم)).
[22] قوله: ((صلاة)) ليس في (م) و(ق).
[23] في (ق): ((عند)).
[24] قوله: ((أغفل ما يكون الناس)) ليس في (ص).