شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب القعدة بين الخطبتين يوم الجمعة

          ░30▒ باب: الْقَعْدَةِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ(1).
          فيه: ابْن عُمَرَ: (كَانَ النَّبِيُّ ◙(2) يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ يَقْعُدُ بَيْنَهُمَا). [خ¦928]
          اختلف العلماء في الجلسة بين الخطبتين فعند مالك هي سنة، وعند الشافعي(3) واجبة، فإن لم يخطب خطبتين يجلس بينهما صلى الظهر أربعًا(4)، وعند أبي حنيفة إن شاء خطب قائمًا أو جالسًا، ورُوي(5) عن المغيرة بن شعبة أنه كان لا يجلس في خطبته. وحجة من قال إنها سنة حديث ابن عمر: ((أن النبي صلعم كان يجلس في خطبته))، ولم يقل إنه لا تجزئه(6) الخطبة إلا بالجلوس فيها لأن عليه فرض البيان، ومن قال: إنها فريضة فلا حجة له لأن القعدة فصل بين الذِّكرين، واستراحة للخطيب، وليست من الخطبة في شيء، والمفهوم من(7) لسان العرب أن الخطبة اسم للكلام الذي يُخطب به خاصة لا للجلوس.
          وقال(8) الطحاوي: ولم(9) يقل بقول الشافعي أحد غيره، ولما كان لو(10) خطب خطبتيه جميعًا قاعدًا جازت(11) الخطبة، ولم يقع بينهما فصل، كذلك تجوز إذا قام موضع القعود. قال غيره: ولو كانت فريضة ما جهلها المغيرة بن شعبة، ولو جهلها ما ترك جماعة مَن بحضرته مِن الصحابة والتابعين تنبيهه عليها وإعلامه بوجوبها، وقد حُصِرَ عثمان عن الخطبة فتكلم ونزل(12) ولم يجلس، ولم يخالفه أحد فصار كالإجماع، ذكره ابن القصار(13).


[1] قوله: ((يوم الجمعة)) ليس في (م) و(ق).
[2] في (م) و(ق): ((أن النبي صلعم كان)).
[3] زاد في (م) و(ق): ((هي)).
[4] قوله: ((فإن لم يخطب خطبتين يجلس بينهما صلى الظهر أربعًا)) ليس في (م) و(ق).
[5] قوله: ((وروي)) غير واضح في (ص).
[6] في (م) و(ق): ((ولم يقل لا تجزي)).
[7] في (م): ((في)).
[8] في (ص): ((قال)).
[9] في (م): ((لم)).
[10] في (ص): ((لمن)).
[11] في (م): ((لجازت)).
[12] في (ق): ((فنزل)).
[13] قوله: ((ذكره ابن القصار)) ليس في (م) و(ق).