شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب وقت الجمعة إذا زالت الشمس

          ░16▒ باب: وَقْتُ الْجُمُعَةِ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ.
          وَكَذَلِكَ يُذكر(1) عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ وَعَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ.
          فيه: عَائِشَةُ قَالَتْ: كَانَ النَّاسُ مَهَنَةَ أَنْفُسِهِمْ، وَكَانُوا إِذَا رَاحُوا إلى الْجُمُعَةِ، رَاحُوا فِي هَيْئَتِهِمْ، فَقِيلَ لَهُمْ: لَوِ اغْتَسَلْتُمْ. [خ¦903]
          وفيه: أَنَس: (أَنَّ النَّبِيَّ صلعم كَانَ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ حِينَ تَمِيلُ الشَّمْسُ). [خ¦904]
          قال(2) أنس: كُنَّا نُبَكِّرُ بِالْجُمُعَةِ، وَنَقِيلُ بَعْدَ الْجُمُعَةِ. [خ¦905]
          قال المؤلف(3): إنما ذكر البخاري الصحابة في صدر هذا الباب؛ لأنه قد رُوي عن أبي بكر وعمر وعثمان أنهم كانوا يصلون الجمعة قبل الزوال من طريق لا يثبت(4)، رواه وكيع عن جعفر بن برقان عن ثابت بن الحجاج الكلابي عن عبدالله بن سَندان(5) السلمي قال: شهدت الجمعة مع أبي بكر الصديق، فكانت خطبتُه وصلاتُه قبل نصف النهار، ثم شهدتها مع عمر وعثمان إلى أن أقول: انتصف النهار، فما رأيت أحدًا عاب ذلك ولا أنكرَه. وعبدالله بن سندان(6) لا يُعرف، والصحيح عن الصحابة ما ذكرَه البخاري، ونحوه ذُكر عن(7) مالك عن عمر في قصة طنفسة عقيل.
          وأجمع الفقهاء على أن وقت الجمعة بعد زوال الشمس إلا ما رُوي عن مجاهد أنه قال: جائز أن تصلي الجمعة في وقت صلاة العيد لأنها صلاة عيد، وقال أحمد بن حنبل: تجوز صلاة الجمعة قبل الزوال، وهذا القول(8) يردُّه حديث أنس المذكور في هذا الباب(9) وعمل الخلفاء بعده.
          وقال(10) ابن القصار: لا(11) تخلو الجمعة من أن تكون ظهرًا(12) فوقتها لا يختلف، أو بدلًا من الظهر فيجب ألا يختلف أيضًا لأن الأبدال لا تتقدم مبدلاتها، كالقصر في السفر لا يخرج الصلاة عن أوقاتها.
          وقوله: كنا نبكر بالجمعة، فإنما يريد أنهم كانوا يصلونها بعد الزوال في أول الوقت وهو وقت الرواح عند العرب.
          وقوله: نُقيل(13) بعد الجمعة، يعني أنهم كانوا يقيلون بعد الصلاة بدلًا من القائلة التي امتنعوا منها بسبب تبكيرهم إلى الجمعة، وقد ذكر ابن أبي شيبة في(14) حديث جابر بن عبدالله، وسلمة بن الأكوع أنهما قالا: كنا نصلي مع رسول الله صلعم الجمعة إذا زالت / الشمس(15).


[1] في (م): ((روي)) وفي (ق): ((يروى)).
[2] في (م) و(ق): ((وقال)).
[3] قوله: ((قال المؤلف)) ليس في (م).
[4] في (ق): ((من طرق لا تثبت)).
[5] في (ق): ((سيران))، و في (م): ((سيدان)).
[6] في (ق) و(م): ((سيدان)).
[7] قوله: ((عن)) ليس في (م).
[8] قوله: ((وهذا القول)) ليس في (م) و(ق).
[9] في (م) و(ق): ((حديث أنس عن النبي صلعم)).
[10] في (م) و(ق): ((قال)).
[11] في (م) و(ق): ((ولا)).
[12] زاد في (م) و(ق): ((قصرت)).
[13] قوله: ((نقيل)) ليس في (م)، و في (ق): ((ونقيل)).
[14] في (م) و(ق): ((من)).
[15] قوله: ((الجمعة إذا زالت الشمس)) ليس في (ق).