شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب رفع اليدين في الخطبة

          ░34▒ باب: رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الْخُطْبَةِ. /
          فيه: أَنَس قَالَ: (بَيْنَمَا رسولُ الله صلعم يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ(1)، إِذْ قَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلَكَ الْكُرَاعُ، هَلَكَ الشَّاءُ، فَادْعُ اللهَ أَنْ يَسْقِيَنَا، فَمَدَّ يَدَهُ(2) فَدَعَا(3)). [خ¦932]
          وترجم له: باب الاسْتِسْقَاءِ فِي الْخُطْبَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ.
          وزاد فيه: (حتَى سَالَ الْوَادِي قَنَاةُ شَهْرًا، وَلَمْ يَجِئْ أَحَدٌ مِنْ نَاحِيَةٍ إِلا حَدَّثَ بِالْجَوْدِ(4)). [خ¦933]
          رفع اليدين في الخطبة في معنى الضراعة إلى الله ╡ والتذلل له، وقد أخبر النبي صلعم أن العبد إذا دعا إلى الله تعالى، وبسط كفيه أنه لا يردهما خائبتين من فضله، فلذلك رفع النبي صلعم يديه.
          وقد أنكر بعض الناس ذلك، فروى(5) الأعمش عن عبدالله بن(6) مرة عن مسروق قال: رفع الإمام يوم الجمعة يديه(7) على المنبر، فرفع الناس أيديهم، فقال مسروق: ما لهم قطع الله أيديهم، وقال الزهري: رفْع الأيدي يوم الجمعة مُحدَث، وقال ابن سيرين: أول من رفع يديه في الجمعة(8) عبيد الله بن عبدالله بن معمر. وكان مالك(9) لا يرى رفع اليدين إلا في خطبة الاستسقاء، وسيأتي هذا المعنى مستوعبًا(10) في كتاب الاستسقاء، إن شاء الله تعالى، ويأتي فيه تفسير الجوبة(11).
          وقوله في هذا الحديث(12): (حتَّى سَالَ الْوَادِي قَنَاةُ شَهْرًا)، فمعناه(13) اسم الوادي(14) ولم يصرفه؛ لأنه معرفة بدل من معرفة، وفي أبواب الاستسقاء ((حتى سال(15) وادي قناةَ(16))). غير مصروف أيضًا لأن قناة معرفة، وهي اسم البقعة(17)، والجَوْدُ: المطر الغزير، يُقال: جاد المطر جودًا وجودة(18): إذا كثُر، وسيأتي حكم الاستسقاء في خطبة الجمعة بعد هذا، إن شاء الله تعالى(19).


[1] في (م): ((جمعة)).
[2] في (ق) و(م) و(ص): ((يديه)).
[3] في (م) و(ق): ((ودعا))، وقوله: ((فدعا)) ليس في (ص).
[4] في (ق): ((بالجرد)).
[5] في (م) و(ق): ((روى)).
[6] في (م): ((عن عبد بن)).
[7] في (ق) و(ص): ((يديه يوم الجمعة)).
[8] في (م) و(ق): ((الجمع)).
[9] في (ص): ((سالم)).
[10] في (م) و(ق): ((المعنى بزيادة فيه)) وفي (ص): ((مستقصى)).
[11] قوله: ((ويأتي فيه تفسير الجوبة)) ليس في (م) و(ق).
[12] قوله: ((في هذا الحديث)) ليس في (م) و(ق).
[13] في (م) و(ق): ((قناة)).
[14] في (م): ((للوادي)).
[15] قوله: ((حتى سال)) ليس في (م).
[16] زاد في (م): ((بالإضافة)).
[17] في (م): ((للبقعة)).
[18] في (ص): ((أو جوده)).
[19] قوله: ((وسيأتي حكم الاستسقاء في خطبة الجمعة بعد هذا، إن شاء الله تعالى)) ليس في (م) و(ق).