شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب فرض الجمعة

          ░1▒ باب: فَرْضِ الْجُمُعَةِ، لِقَوْلِ اللهِ ╡: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فاسْعَوا إلى ذِكْرِ اللهِ}[الجمعة:9]
          فيه: ‏أَبَو هُرَيْرَةَ: (قال رَسُولُ اللهِ صلعم: نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، بَيْدَ أَنَّهُمْ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا، ثُمَّ(1) هَذَا يَوْمُهُمِ الَّذِي فَرَضَ الله عَلَيْهِمْ(2) فَاخْتَلَفوا فِيهِ، فَهَدَانَا اللهُ له، فَالنَّاسُ لَنَا فِيهِ تَبَعٌ: الْيَهُودُ غَدًا، وَالنَّصَارَى بَعْدَ غَدٍ). [خ¦876]
          قال المؤلف(3): قوله صلعم(4): (نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ)، يريد أنه صلعم آخر الأنبياء والرسل، وهو خاتم النبيين لا نبيَّ بعده صلعم.
          وقوله: (السَّابِقُونَ)، يعني أنه وأمته يسبقون سائر الأمم بالدخول في الجنة، وهو الشافع ليقضى بين الخلائق يوم القيامة إذا اشتدَّ بالناس العرَق، وطال بهم الوقوف، فيمشي(5) حتى يأخذ حلقة الباب، فيومئذ يبعثه الله مقامًا محمودًا يحمده أهل الجمع كلهم.
          وأيضًا فقد أخبر(6)◙ أنَّ أمته أُعطوا أجر أهل الكتابين: التوراة والإنجيل، في حديث: ((إنما مثلكم فيمن خلا من الأمم قبلكم)).
          وقوله: (فَهَذا يَوْمُهُمِ الَّذِي فُرِضَ عَلَيْهِمْ فَاخْتَلَفوا فِيهِ، فَهَدَانَا اللهُ لَه)، ليس فيه دليل أن يوم الجمعة فرض عليهم بعينه فتركوه لأنه لا يجوز لأحد أن يترك فرض الله ╡ عليه وهو مؤمن(7)، وإنما يدل / _والله أعلم_ أنه فرض عليهم يوم من(8) الجمعة، وكِّلَ إلى اختيارهم ليقيموا فيه شريعتهم، فاختلفوا في أي الأيام يكون ذلك اليوم، ولم يهدهم الله إلى يوم(9) الجمعة وذخره لهذه الأمة، وهداهم(10) له تفضلًا منه عليها، ففضلت به على(11) سائر الأمم، إذ هو خير يوم طلعت فيه الشمس وفضله الله تعالى بساعة يستجاب فيها الدعاء.
          وقوله: (بَيْد)، معناه: (غَيْر)، عند الخليل(12).


[1] قوله: ((ثم)) ليس في (ق) في (ص): ((بيد أنهم)).
[2] في (م): ((فرض عليهم)).
[3] قوله: ((قال المؤلف)) ليس في (ق) و(م).
[4] قوله: ((قوله صلعم)) ليس في (ص).
[5] في (ق) و(م): ((فيأتي)).
[6] في (ق) و(م): ((قال)).
[7] في (ق) و(م): ((ويكون مؤمنًا)).
[8] قوله: ((من)) ليس في (ق).
[9] في (ق) و(ق): ((ليوم)).
[10] في (ق) و(م): ((وهداها)).
[11] قوله: ((على)) ليس في (ق) و(م).
[12] قوله: ((وقوله: (بَيْد)، معناه: (غَيْر)، عند الخليل)) ليس في (ق) و(م).