شرح الجامع الصحيح لابن بطال

بابٌ: يلبس أحسن ما يجد

          ░7▒ باب: يَلْبَسُ أَحْسَنَ مَا يَجِدُ.
          فيه ابْن عُمَرَ: (أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ(1)☺ رَأى حُلَّةً سِيَرَاءَ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوِ اشْتَرَيْتَ هَذِهِ فلبستَها(2) يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلِلْوَفْدِ إِذَا قَدِمُوا عَلَيْكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم: إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ لا خَلاقَ لَهُ فِي الآخِرَةِ(3). ثُمَّ جَاءَتْ رَسُولَ اللهِ صلعم مِنْهَا حُلَلٌ، فَأَعْطَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ مِنْهَا حُلَّةً، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَسَوْتَنِيهَا وَقَدْ قُلْتَ فِي حُلَّةِ عُطَارِدٍ مَا قُلْتَ؟ فقَالَ رَسُولُ اللهِ: إِنِّي لَمْ(4) أَكْسُكَهَا لِتَلْبَسَهَا، فَكَسَاهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَخًا لَهُ بِمَكَّةَ مُشْرِكًا(5)). [خ¦886]
          قوله في الحلة: (فَتَلْبَسَهَا لِلْجُمُعَة)، يدل أنه كان عندهم معهودًا(6) أن يلبس الرجل أفضل ثيابه وأحسنها(7) لشهود الجمعة، وقد روي عنه صلعم أنه قال: ((ما على أحدكم لو اتخذ ثوبين لجمعته سوى ثوبي مهنته))، من بلاغات مالك عن يحيى بن سعيد.
          وذكر أهل السير: أن النبيَ صلعم كان يلبس بردَه الأحمر يوم الجمعة وأحسن ثيابه، ويمس من الطيب، وكذلك في العيدين.
          قال(8) عبد الرحمن بن أبي ليلى: أدركت أصحاب محمد صلعم من أصحاب بدر، وأصحاب الشجرة إذا كان يوم الجمعة لبسوا أحسن ثيابهم وإن كان عندهم طيب مَسُّوا منه، ثم راحوا إلى الجمعة.
          و(السِّيَرَاء): ثياب يخالطها حرير، يقال: سيرت الثوب(9) والسَّهم: جعلت فيه خطوطًا، من كتاب «العين».


[1] قوله: ((بن الخطاب)) ليس في (ق) و(م).
[2] في (ص): ((تلبسها)).
[3] قوله: ((في الآخرة)) ليس في (ق) و(م).
[4] قوله: ((إني لم)) ليس في (م).
[5] قوله: ((فَكَسَاهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَخًا لَهُ بِمَكَّةَ مُشْرِكًا)) ليس في (ق) وفيها بدلها: ((الحديث)).
[6] في (ق): ((معهود)).
[7] في (ق) و(م): ((المرء أحسن ثيابه وأفضلها)).
[8] في (ق): ((وقال)).
[9] في (ق): ((الثياب)).