شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب الاستماع إلى الخطبة

          ░31▒ باب: الاسْتِمَاعِ إلى الْخُطْبَةِ.
          فيه: أَبو هُرَيْرَةَ قَالَ: (قَالَ النبي صلعم(1): إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَقَفَتِ الْمَلائِكَةُ على بَابِ الْمَسْجِدِ يَكْتُبُونَ الأوَّلَ فَالأوَّلَ، وَمَثَلُ الْمُهَجِّرِ، كَمَثَلِ الَّذِي(2) يُهْدِي بَدَنَةً، ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي بَقَرَةً، ثُمَّ كَبْشًا(3)، ثُمَّ دَجَاجَةً، ثُمَّ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الإمَامُ طَوَوْا صُحُفَهُمْ، وَيَسْتَمِعُونَ(4) الذِّكْرَ). [خ¦929]
          استماع الخطبة(5) واجب وجوب سنة عند أكثر العلماء، ومنهم من جعله فريضة، ورُوي عن مجاهد أنه قال: لا يجب الإنصات للقرآن إلا في موضعين في الصلاة والخطبة(6). وفي استماع(7) الملائكة للخطبة حض على الاستماع إليها والإنصات لها، وقال أكثر العلماء: الإنصات واجب على من سمعها ومن لم يسمعها، وهو قول مالك، وقال(8) عثمان بن عفان: للمنصت الذي لا يسمع من الأجر مثل ما للمنصت الذي يسمع(9)، وكان عروة بن الزبير لا يرى بأسًا بالكلام إذا لم يسمع الخطبة، ذكره ابن المنذر، وقال إبراهيم: إني لأقرأ حزبي إذا لم أسمع الخطبة، وقال أحمد: لا بأس أن يذكر الله ويقرأ من لم(10) يسمع الخطبة. واختلفوا في وقت الإنصات، فقال أبو حنيفة: خروج الإمام يقطع الكلام والصلاة جميعًا لقوله: (فَإِذَا خَرَجَ الإمَامُ طَوَوْا صُحُفَهُمْ، وَيَسْتَمِعُونَ(11) الذِّكْر)، وقالت طائفة: لا يجب الإنصات إلا عند ابتداء(12) الخطبة، ولا بأس بالكلام قبلها هذا قول مالك والثوري وأبي يوسف ومحمد والأوزاعي والشافعي، وحجتهم قوله صلعم: ((وينصت(13) إذا تكلم الإمام))، ذكره في باب الإنصات يوم الجمعة والإمام يخطب بعد هذا.


[1] في (م): ((أبو هريرة قال النبي صلعم)).
[2] في (م) و(ق): ((المهجر كالذي)).
[3] في (ص): ((ثم كالذي يهدي كبشًا)).
[4] في (م) و(ق): ((يستمعون)).
[5] في (م): ((استماع الناس الذكر))، وفي (ق): ((استماع الناس الخطبة)).
[6] في (م) و(ق): ((وفي الخطبة)).
[7] في (م) و(ق): ((سماع)).
[8] في (ق) و(م): ((وقد قال)).
[9] في (م) و(ق): ((للمنصت السامع)).
[10] في (م) و(ق): ((لا بأس أن يقرأ ويذكر الله من لا)).
[11] في (م) و(ق): ((يستمعون)).
[12] في (ص): ((استماع)).
[13] في (م) و(ق): ((ينصت)).