شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب رقية العين

          ░35▒ بابُ رُقْيَةِ العَيْنِ.
          فيه: عَائِشَةُ قَالَتْ: (أَمَرَنِي النَّبيُّ صلعم أَنْ نَسْتَرْقَي مِنَ الْعَيْنِ). [خ¦5738]
          وفيه: أُمُّ سَلَمَةَ: (أَنَّ النَّبيَّ صلعم رَأَى في بَيْتِهَا جَارِيَةً في وَجْهِهَا سَفْعَةٌ، فَقَالَ: اسْتَرْقُوا لَهَا، فَإِنَّ بِهَا النَّظْرَةَ). [خ¦5739]
          الرُّقية مِن العين والنَّظرة وغير ذلك باسم الله تعالى وكتابه مرجوٌّ بركتُها لأمر النَّبيِّ صلعم بذلك، وقد أمر رسول الله صلعم باغتسال العائن وصبِّ ذلك الماء على المَعِين.
          روى مالك عن ابن شهاب عن أبي أُمامة بن سهل بن حُنَيف أنَّه قال: رَأَى عامرُ بنُ رَبِيعةَ سَهلَ بنَ حُنَيفٍ يَغتسِلُ فقال: ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبَّأة، فَلُبِطَ سهلٌ، فأُخبر النَّبيُّ صلعم بمرضِه، فقال: هل تتَّهمون(1) أحدًا قالوا: نتَّهم عامر بن ربيعة، فدعا رسول الله(2) صلعم عامرًا فتغيَّظ عليه، وقال: ((عَلَامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ؟ أَلَا بَرَّكْتَ، اِغْتَسِلْ لَهُ)) فغسل عامر وجهَه ومِرفقيه وركبتَيْه وأطراف رجليه وداخلة إزاره في قدح ثم صبَّ عليه، / فراح سهل مع النَّاس ليس به بأس.
          وقال مَعْمر بن شهاب: فصبَّ على رأسِه وكفأ الإناء خلفَه وأمرَه فحسا منه حسوات، وقال الزُّهري: هي السُّنَّة.
          فيه مِن الفقه أنَّه إذا عُرف العائنُ أنَّه يُقضى عليه بالوضوء لأمر النَّبيِّ صلعم بذلك وأنَّها نشرة ينتفع بها.
          وقولُه: (أَلَا بَرَّكْتَ) فيه أنَّ مَن رأى شيئًا فأعجبَه فقال: تبارك الله أحسن الخالقين وبرَّك فيه؛ فإنَّه لا تضرَّه العين(3) وهي رقية منه.
          و((السَّفْعَةُ)) سواد وشحوب في الوجه، وامرأة سفعاء الخدَّين، والسَّفْع الأثافي لسوادِها(4)، مِن كتاب «العين».
          قال المؤلِّف(5): وقولُه: (فَلُبِطَ سَهْلٌ) في(6) حديث مالك، قال أبو زيد: رجل ملبوط، وقد لُبِط به لبطًا وهو سعال وزكام.


[1] في (ص): ((تتوهمون)).
[2] قوله: ((رسول الله)) ليس في (ص).
[3] في (ص): ((يضره بالعين)).
[4] في (ص): ((سوادها)).
[5] في (ص): ((المهلَّب)).
[6] في (ص): ((من)).