شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب حرق الحصير ليسد به الدم

          ░27▒ بابُ حَرْقِ الحَصِيْرِ لِيُسَدَّ بِهِ الدَّمُ.
          فيه: سَهْلٌ: (لَمَّا كُسِرَتْ عَلَى رَأْسِ النَّبيِّ صلعم الْبَيْضَةُ وَأُدْمِي وَجْهُهُ وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ، وَكَانَ عَلِيٌّ يَخْتَلِفُ بِالْمَاءِ في الْمِجَنِّ وَفَاطِمَةُ تَغْسِلُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ، فَلَمَّا رَأَتْ فَاطِمَةُ الدَّمَ يَزِيدُ على الْمَاءِ كَثْرَةً عَمَدَتْ إِلَى حَصِيرٍ فَأَحْرَقَتْهَا وَأَلْصَقَتْهَا عَلَى جُرْحِ النَّبيِّ صلعم فَرَقَأَ الدَّمُ). [خ¦5722]
          قال المهلَّب: فيه أنَّ قطع الدَّم بالرَّماد مِن المعلوم القديم المعمول به لاسيَّما إذا كان الحصير مِن دِيْس السُّعدى(1) فهي معلومة بالقبض وطيب الرَّائحة، فالقبض يسدُّ أفواه الجراح وطيب الرَّائحة يذهب بزهم الدَّم، وإذا غسل الدَّم بالماء كما فعل أوَّلًا بجرح النَّبي صلعم فَلِيَجْمًدَ الدَّم ببرد الماء إذا كان الجرح سهلًا غير غائر، وأمَّا إذا كان غائرًا فلا تؤمن فيه آفة الماء وضررُه، وكان(2) أبو الحسن بن القابسي يقول: لوددنا أن نعلم ذلك الحصير(3) ما كان فنجعلَه دواءً لقطع الدَّم.
          قال المؤلِّف: وأهل الطِّب يزعمون أنَّ كلَّ حصير إذا أحرق يقطع رمادُه الدَّم، بل الأرمدة كلُها تفعل ذلك لأنَّ الرَّماد مِن شأنِه القبض، وقد ترجم أبو عيسى التِّرمذي لحديث سهل بن سعد بهذا المعنى، فقال: باب التَّداوي بالرَّماد، ولم يقل باب [التَّداوي برماد الحصير، وقد تقدم تفسير رقء الدَّم في باب التِّرَسة والمِجَنِّ](4) في كتاب الجهاد.


[1] كذا في (ز) و (ص) والذي في المطبوع من ((المخصص)) لابن سيده: ((السُّعادى)).
[2] زاد في (ص): ((يعلم ذلك)).
[3] في (ص): ((لوددنا أن الحصير)).
[4] قوله: ((تفسير رقء الدم في باب الترسة والمجن)) ليس في (ص) وفيها بعدها: ((في الجهاد)).