شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب الحجم من الشقيقة والصداع

          ░15▒ بابُ الحِجَامَةِ مِنَ الشَّقِيْقَةِ وَالصُّدَاعِ.
          فيه: ابنُ عبَّاسٍ: (أَنَّ النَّبيَّ صلعم احْتَجَمَ في رَأْسِهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ مِنْ وَجَعٍ كَانَ بِهِ، وَقَالَ مرة: مِنْ شَقِيقَةٍ كَانَتْ بِهِ). [خ¦5700]
          وفيه: جَابِرٌ قَالَ النَّبيُّ(1) صلعم: (إِنْ كَانَ في شَيْءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ خَيْرٌ، ففي شَرْبَةٍ من عَسَلٍ أَوْ شَرْطَةِ مِحْجَمٍ...) الحديث. [خ¦5702]
          قال الطَّبري: وقد روي عن النَّبيِّ صلعم أنَّه كان يحتجم على رأسِه وبين كتفيه مِنْ حديث أبي كبشة الأنماري وسَلْمى خادمِه ◙ ومِن حديث جرير عن قتادة عن أنس أنَّه صلعم كان يحتجم في الأخدعين وبين الكتفين، وصحَّة هذا غير مبطلة صحَّة(2) الخبر عنه أنَّه احتجم على رأسه وذلك أنَّ حجم المحتجم مِن جسدِه ما يرجو نفعَه في بعض أحايينِه غيرُ موجب علينا إحالة احتجامه على هامتِه ونُقْرَة قفاه، وغيرِها مِن أماكن جسدِه لاختلاف العلل، وقد ذكر عن المتقدِّمين في العلم بحجامة الأدواء أنَّ حجامة الأخدعين نفعُها مِن داء الصَّدر والرِّئة والكبد لأنَّها تجذب الدَّم منها، وأنَّ الحجامة على النُّقرة لأدواء العينين والرَّأس والعنق والظَّهر، وأنَّ الحجامة على الكاهل نفعُها مِن داء الجسد كلِّه، وأنَّ الحجامة فوق القَحْف نفعُها(3) مِن السُّدَد وقروح الفخذ واحتباس الطَّمث، فإذا كانت منافع الحجامة مختلفة لاختلاف أماكنِها فمعلوم أنَّ حجمَه ◙ مِن جسدِه ما حجم كان لاختلاف أسباب الحاجة إليه، ورُوي عنه صلعم أنَّ حجْمَهُ هامتَه كان لوجع أصابَه في رأسِه مِن أكله الطَّعام المسموم بخيبر.


[1] قوله: ((النَّبي)) ليس في (ص).
[2] قوله: ((صحة)) ليس في (ص).
[3] قوله: ((نفعها)) ليس في (ص).